فأرسل إلى عمر النجار وسأله عن القضية فأنكرها فسمعت المرأة بالقضية فجاءت إلى الحاكم وحلفت له أنها لا تعرف الشهود وأنّ عمر النجار هو الأصل في القضية، فأرسلها الحاكم إلى القاضي محب الدين وتوجّه بعده إليه وجمع بينه وبين الشاهدين فاعترفا بحضرته على ما قالاه في غيبته، فصمم في الإنكار فحينئذ أمر الحاكم بضربه أمام منزل القاضي فضُرب على مقعدته نحو مائة عَصا، وتعاطى الحاكم بعضها بيده، ثم شفع فيه بعض بني ظهيرة فترك من الضرب وكُشِف رأسه وعُزّر في السوق والمنادي يقول: هذا جزاء من يزوّر ويرمي الفتنة بين القضاة.
ثم وُضع في الحبس عند بيت القائد إلى جانب من الليل، ثم إنّ الشريفة أم المسعود ابنة عجل تكلمت مع القائد في إخراجه فقال: أمرني الشريف بأن أفعل فيه ما يأمرني به القاضي محب الدين ولو أراد شنقه فعلتُ. ويقال إنه أراد ذلك ثم تركه وأخرجه من السجن وكاتب الشريف في أمره.
وتشوش القاضي الحنفي بديع الزمان من هذا الفعل وانتصر أخصامه المراشدة عليه لظهور شهادة الزور في بابه خصوصا وقد أرسل إليه خصمه القاضي نسيم الدين وهو يقول له: لا تدخل في القضية فإنها باطلة، فقال له: قد فعلتها وعليّ الخروج من عُهدتها. فكثرت القالات فيه ونسب إليه الأكل فيها، والله [أعلم](١) بحقيقتها، ونسأل الله السلامة وخاتمة الخير قبل يوم القيامة، وتكلم القاضي بديع الزمان الحنفي مع رفيقه القاضي المالكي عبد الحق النويري في كتابة الشريفة أم المسعود ابنة عجل لأختها الشريفة أم الكامل زوجة الشريف بركات في القضية، فكتبت لها بذلك وأرسلت قاصدا للفريق وأشير على السراج عمر النجار باختفائه فجلس في منزل الشيخ عبد الكبير الحضرمي بسوق الليل.