الأصل الحنبلي، ولم يرْض والدها بها لكونها بنتا، وتشوّش أهلها لها لكونه تزوج بأمها سرا، لكن الأمر لله تعالى ما شاء فعل، ويؤجر المرء على رغم أنفه.
وفي عشاء ليلة الجمعة سابع الشهر مات صهري زوج أختي العلامة المفتي قاضي المسلمين عين الأماثل المعتبرين محيي الدين أبو المفاخر عبد القادر ابن قاضي القضاة شيخ الإسلام الجلالي أبي السعادات الأنصاري المالكي بعد توعّكه زمانًا طويلًا بالحمى والسعلة والإسهال، وكان غائبًا في العام الماضي بالديار المصرية فوصل مع الركب بمكة وهو مريض فمكث بها ثلاثة أشهر ويبرز في أثنائها، إلى أن قدّر الله تعالى وفاته شهيدًا بالبطن وهو موقن بالموت وينطق بالشهادة بحضرة أبويه، وتأسّفوا على فقده وفجعوا به مع زوجته وكذا جميع أهله ومعارفه لما كان مشتملًا (١) عليه من المحاسن الكثيرة والفضائل الشهيرة، فجهز في ليلته وصلّى عليه والده بعد صلاة الصبح أمام باب الكعبة بعد أن نادى له الرئيس بألقاب حسنة، وسجَعات مُتقنَة، بكي لها السامعون، واعتبر بها المعتبرون، لموت مثله في سن الشباب، وكونه صار من العلماء ذوي الألباب. وشيّعه خلق من الأعيان وغيرهم من الفقراء والعامة والغلمان. فكانت جنازته مشهودة، وروحه الزكية الشهيدة مسعودة، فدُفن على قبر جدّته بالمعلاة بالشعب الأقصى، فعُدّ ذلك سعده في الدنيا والأخرى.
وعُملت له ربعة ثلاثة أيام وختم له بالمعلاة على الوجه التام وفاز بالوفاة في ليلة الجمعة الغراء ووقي فتنة القبر وجاء عليه طائع الشهداء كما رواه أحمد والترمذي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر التقي. فالله تعالى يتغمّده بالرحمة والرضوان، ويُسكنه أعالي الجنان، ويرزق والديه وزوجته الصبر عليه ويعظم لهم الأجر ويبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله، فإنه حقيق بذلك لاشتماله على المحاسن كما يعلمه كل قاطن وسالك.