للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصلح الأحوال [فإن الرأس إذا صلح صلح الجسد كله] (١).

وفي ليلة الأربعاء ثاني عشر الشهر كانت زفة المولد الشريف، على العادة، من المسجد الحرام إلى محل المولد الشريف بسوق الليل، وأوقدت شموع الحرم ومفرّعاته وجميع فوانيسه وقْدَة حسنة، واجتمع الفقهاء والعامة ومماليك الشريف فيها أمام القاضي محب الدين الشافعي، فكان على يمينه قريبه القاضي الحنبلي المحيوي عبد القادر بن نجم الدين بن ظهيرة وبجانبه عمّه القاضي بدر الدين وعلى يساره الخطيب وجيه الدين عبد الرحمن النويري، فلم يتخلف عنه من الأكابر إلّا من له عنده غرض، وفي قلبه مرض، فسلم الناس عليه من مصلاه ومصلّى سلفه خلف مقام الحنفية ومشوا أمامه إلى المولد الشريف، فخطب فيه خطبة العادة ودُعي له فيها، بعد سلطان الروم وملك الأمراء بالديار المصرية والسيد بركات وولده الشريف أبي نمي (٢) أصحاب الأقطار الحجازية، بقاضي المسلمين ببلد الله الحرام استقلالا، وقاضي القضاة بها - إن شاء الله - مآلا - وناظر المسجد الحرام، والربط والأوقاف والأيتام. وصلّى في المحراب كعادة أسلافه ثم عاد إلى المسجد الحرام وصلّى العشاء أمام باب الكعبة الشريفة بجانب قبة الفراشين ودعا له الرئيس مع تقدم ذكره بدعاء عظيم مشتمل على وصف كريم، فابتهج السامعون به وقرّت أعينهم بسببه، فالله تعالى يزيده من الخير، ويدفع عنه كل شر وضير، فإنه حقيق بالخيرات، لا سيما على المحاسن العديدات.

وفي ليلة الجمعة رابع عشر الشهر عقد الشيخ العلامة الزاهد شهاب الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم النشيلي ثم المكي الشافعي بابنته البكر عائشة على الفقيه العالم الأوحد القاضي محب الدين محمد ابن شيخنا العلامة مفيد الطالبين، زين الدين


(١) ما بين عاقفتين بخط قطب الدين النهروالي.
(٢) بالأصل: أبو نمي.