للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالأسد دفعا للشر بحيث أصغوا لقوله، وأرعبوا من طَوْله، وأمرهم بإخراج جماعتهم من بيوت الناس، ودفع الأذى عنهم والبأس، وأمر بإرسال جماعة إلى نائب جدة وأميرهم القبطان سلمان وكتابة أوراق لهما، فكتب لهما قاضي العسكر، بما عليه يُشكر، وعين الشيخ شهاب الدين الزبيدي وملا حاجي الكردي وكتب معهما رسالة إلى الأميرين المشار إليهما، وزوّدهما مع الدعاء بإعانتهما، وسافرا من مكّة في عصر يوم تاريخه مخفين، ولإعانة المسلمين مسرعين. فوصلا جدة في صبح ثاني تاريخه ودخلا على باب نائب جدة فوجدا عنده الأمير سلمان فأطلعاهما على ما عندهما، فأظهر لهما الأميران التشويش من فعل العسكر، وصار الأمير سلمان لذلك يتفكر، ونائب جدة ينكر عليه، وينسب فعلهم إليه، وهو يحلف بالله أنه لا يقدر على ردّهم، وأمر بالبطش فيهم وضربهم، وأنّ الشريف أبا نمي يفعل ذلك وهو يساعده عليهم وأنهم يرسلون للشريف الأمين عليهم خير الدين الرومي أحد أخصاء الخنكار ويكتبون للشيخ ابن عراق جواب ذلك، ففعلوا هذا مِن ساعتهم وخرج رسُله من يومهم، وعُدّ هذا من كرامته وملاحظة المسلمين بنفعه.

فوصل إليه قاصداه في ظهر يوم الإثنين خامس عشريْ الشهر ثالث يوم إرساله وأخبروه بالجواب وأعطوا له ولقاضي العسكر كل واحد كتابًا وفيهما ما يسرّ المسلمين، ويقمع المفسدين.

وفي أثناء هذه الأيام ثار العرب في البرية وأذاقوا الأروام بالقتل والنهب ومقابلة فعلهم بالحرب ويقال قُتِل منهم في طريق جدة أزيد من عشرين نفسًا، وانقمعوا بذلك يقينا لا حدسا، ولله الحمد على ذلك والمنة، ثم تواتر القتل فيهم بحيث زادت القتلى على المائة.

وفي يوم الثلاثاء سابع عشريْ الشهر وصل الأمير خير الدين الرومي إلى الشريف أبي نمي بوادي الدكناء، أحد أودية مر، وكان عند سماعه بوصوله إليه