المقررة لأرباب الوظائف والمساجد والقرب وغيرها من المكوسات. وكان للسلطان نحو ربعها وللشريف مثله، وذلك أن الخنكار أمر بقبض جميعه في عام تاريخه ليصرف على العسكر المجهّزين للفرنج في جهة الهند القبطان سلمان. وأرسل الخنكار مرسومًا لصاحب مكّة الشريف أبي نمي يخبره بذلك، ويأمر نائب جدة العلائي علي بتسليمه.
ويقال إنّ السبب في ذلك هو والقبطان سلمان لأذية صاحب مكّة وإضعافه فحصل بذلك وبوجود العسكر المجهّز من الروم غاية الضرر لصاحب مكّة وسكانها لضيقهم (١) المعاش على أهل مكّة وغلو الأقوات وخوف الطرقات، فلله الأمر من قبل ومن بعد. وكانوا يظنون أن محصول جدة شيء كثير جدًا فظهر لهم ذلك.
وتوجّه نائب جدة من وادي جدة إلى وادي الدكناء من وادي مر لمواجهة الشريف أبي نمي لإزالة ما في خاطره وللإصلاح بينه وبين القبطان سلمان، فلاقاه الشريف وأكرمه وأضافه وقدم له الآخر هدية سنيّة من تحف الهند تقطع ألوفا من الدنانير، كما يقال، وحلف له على المصحف الشريف بعد أن أراه له وقال: لا أعمل مثل المصريين بالحلف على الصابون، للتورية بالحلف على المصحف الشريف بأنه لا يريد عليه سوءا، وظاهره وباطنه معه سواء، ولا يعلم عليه إلّا الخير والاستمرار على ولايته من جهة الخنكار.
وكذا أمر القبطان سلمان لكنه يطالبه بألفي دينار وحب قبضه والده الشريف بركات في غيبته بغير وجه شرعي، فقال له: خلفه كان مصطفى الرومي للجماعة الذين سافروا لسلمان إلى مصر والحب عشور رجب وصل معه، ومرجع ذلك إلى العادة، وليس له بذلك عليّ طلب، فقال له: إن كان كذلك فليس له مطالبة عليك.
فطاب خاطر الشريف بذلك وأقام النائب عنده إلى آخر النهار وعاد إلى مكّة المشرفة فوصلها ليلة الثلاثاء ثاني تاريخه وقصده القضاة والأعيان للسلام عليه،