للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم في ليلة الإثنين ثاني عشر الشهر وصل لمكة القاصد مسلم البدوي وصحبته مرسوم لقاضي القضاة الشافعي محب الدين بن ظهيرة لولايته لقضاء جدة وعزل القاضي أحمد بن ناصر، ومرسوم لقاضي القضاة التاجي عبد الوهاب بن يعقوب المالكي بولاية قضاء مكّة، ومرسوم الشريف أبي نمي صاحب مكّة من نائب الديار المصرية ومضمونه إخباره بوصول قُصّاده والإنعام عليه برد بندر جدة وتوليته قضاء جدة لمن ذكر وقضاء المالكية بمكة للتاجي وقضاء المدينة للقاضي شمس الدين بن المحبي السخاوي المالكي.

وفي الأرواق تولية القاضي بديع الزمان بن الضياء الحنفي من الروم واستنابته لإمام الحنفية السيد شهاب الدين أحمد البخاري وأنه عاد من بلاد بُرْصا لما سمع بوصول ملك التجار علاء الدين إلى الروم وخشي من معارضته في وظيفة قضاء الحنفية لأخيه أبي السرور بن الضياء، ولم يصل مرسومه لمكة، فسمع خصمه القاضي عبد الرحمن بن زبرق (١) بأنّه ليس لولايته ذكْر في المراسيم، فقال: مذهبي لا أعزل إلّا بالأوراق، بل أباشر الحكم حتى يصل المنشور، فبلغ ذلك نائب خصمه الشهاب البخاري فتوجّه إلى قاضي القضاة الشافعي وسأله في استنابة الحكم حتى يباشر الأحكام، فأذن له وباشر الحكم وقصده الناس للتهنئة إلى منزله، ولم يسبق له بذلك عادة لكنه اختلال الأمور أوجب هذا وكانت القاعدة يهنئه صاحب الوظيفة لا نائبه، فلم يلتفت صاحبه وهو خصمه لمباشرته وباشر الأحكام بنفسه أيضًا، وصارا بذلك ضحكة عند الأخيار، لحرصهما على الفشار، واشتغال ذمّتهما بما يوجب الخزي والعار. فتوجّه الناس لتهنئة الشافعي والمالكي المتولي والمفصول للتنقيم له، وحزن له كثير من الناس.

ونادى الحاكم القائد مبارك بن بدر بزينة البلد تتمة الشهر حتى


(١) بالأصل: زين.