للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثير حتى حضر القائد، فلما رآه قام ونزل من على الدكة الخشب التي كان قاعدا عليها مع القضاة. فيقال إنّ القائد أغلظ له في القول والتهديد وربما سطا عليه أعوان خصمه كابن البخاري وابن زوجته وصاحب المحبي ابن الشيخ أيوب وغيرهم باللسان واليدّ حتى قطعت ملوطته (١). فكفهم القاضي الشافعي عنه وكذا المالكي وأمرا بعض الأروام بالتوجّه معه إلى منزله خوفًا عليه من العامة، وصاروا ينكرون عليه أفعاله وأحكامه ويذكرون عنه أمورا قبيحة، نسأل الله العافية منها.

فلما وصل إلى منزله أقام به إلى بعد الظهر ثم برز إلى المسجد واجتمع فيه ببعض الأروام وشكا حاله عليهم، فمرّ عليه وهو جالس أمام باب الصفا الشيخ أبو زرعة فطلبه إليه ولبّبَ (٢) له وسطا عليه بيده، فأراد الآخر البطش به فمنعه الحاضرون من الأروام، ثم تفلت منهم وذهب إلى قاضي القضاة الشافعي وأخبره بقضيته، فأرسل طَلَبَ القضاة والقائد مرشد وخصمه السيد البخاري وجلسوا بمقام الحنفية، فحضر ابن زبرق ومعه بعض الأروام فرمى بمرسومه وتظلم بعزله، فادعى عليه السيد البخاري بقوله: أنت كلب كافر فاسق، عند صاحبه وجليسه القاضي تاج الدين المالكي، وتعصّب له جماعة من الحاضرين مع كثير من العامة وأمر بالجلوس مع خصمه أمام القاضي، فأقيما من المجلس وجلسا خلف القضاة وادعى عليه فلم يثبت ولم ينف، وصار يقول: الدعوى لي، فقال المالكي له ما معناه اعذر (٣) في الوظيفة لخصمك نصلح القضية، فصار يتكلم ولا يُرد له جوابٌ، فقال له حينئذ المالكي: مذهبي إذا تلدّد الخصم في الجواب يحبس، ففرح خصمه بهذا القول وأخذ بيده من جهة وأخوه محمد من الجهة الأخرى وولده محمد وابن زوجته


(١) الملوطة: لباس يرتديه الموظفون من أهل العلم. انظر
Dozy: Dict. détaillé des noms des vêtement chez les Arabes pp. ٤١٢ - ٤١٣.
(٢) لبّبَه: أمسك بتلابيبه.
(٣) كذا بالأصل.