للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمالي محمد ابن الفقيه شهاب الدين بن حسان يدفعانه (١) والناس يكثرون الكلام ويعجبهم ذلك للتفرج والمضحكة، وكان فعل ذلك ثلمة في الدين ولله درّ من قال:

أمور يضحك السفهاء منها … ويبكي من عواقبها اللبيب

فتوجّه به أخصامه إلى جهة باب السلام ليحبسوه (٢) في حبس المحتسب، فأنكر بعض القضاة ذلك وقال: مثله لا يُحْبس هناك ويُحبس في قبة الفراشين بالمسجد الحرام، فأمروهم بذلك فأدخلوه القبة.

ثم إن القائد مرشد مشى في صفح البخاري عن سَبّه وإخراج القاضي من حبسه، فصفح عنه وأخرج القاضي وتوجّه إلى منزله، وتألم الأخيار لبهْذلته، وعُدّ ذلك من الانتقام عليهم وجرأة البخاري وتعصّب المالكي معه، فلا حول ولا قوة إلّا باللَّه.

ثم إن القاضي عبد الرحمن بن زبرق توجّه في الليل لكبير الأروام مصطفى وبكى عنده وشكا ضرورته فوعده بعقد مجلس له مع خصمه في صبح تاريخه، فقدّر الله تعالى في ضحى يوم الأحد ثاني تاريخه اجتمع الأروام في المسجد الحرام وطلبوا القضاة، وتوقف القاضي الشافعي عن الحضور حتى أرسل للقائد مرشد فحضر مع المالكي والحنبلي، وأرسلوا لأئمة الحنفية فحضروا وهم ظاهر عليهم الانكسار بسبب الإشلاء عليهم فيما فعلوه مع القاضي ابن زبرق، فادعى على خصمه وولده أنهما أساءا عليه مع البطش به، فقال إمام الحنفية شهاب البخاري: الدعوى لي من أمس فإنها لم تنفصل، وأنكر العفو وتكلم الأروام عليه وعلى القاضي المالكي، فأنكر الحكم عليه بشيء لكنه لما تردّد عن الجواب أمر بحبسه حتى يوافق أو تقوم البينة عليه، فحينئذ قال الأروام: يترك الخصمان الحكم حتى يُكتَب للشريف في أمرهما.


(١) بالأصل: يدفعاه.
(٢) بالأصل: ليحبسونه.