للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنعله وساعده حينئذ الحاضرون بمجلسه فأوجعوا الحنفي ضربا فقطعوا ثيابه ورموا (١) عمامته. فسمعت أم الحنفي كمالية ابنة أبي البركات ابن الضياء بما جرى لولدها فخرجت من منزلها باكية وتبعها العامة إلى منزل المالكي، فكانت بينهم كلمات قبيحة وأفعال شنيعة أنكرها كل من حضرها أو سمعها وشدّد المالكي في الحكم على الحنفي بديع الزمان لخصمه، فضمنت أمه ذلك وخرجت بولدها وذهبت به إلى منزلها.

وكان وقع في يوم تاريخه موت النوري علي ابن قاضي القضاة الشافعي المحبي بن ظهيرة وهو طفل عمره نحو ثمانية أشهر فخرجوا بجنازته ومروا بها من على بيت الحنفي المضروب فقام الحنفي في طاقة بيته فصار يسب المالكي وأصحابه وصهره الخواجا أبا البقاء السكري بلفظ شنيع، فتوجّه السكري إلى منزل الأمير مصطفى نائب جدة الرومي فشكى عليه سبّ الحنفي له ولصهره وأصحابه وادعى أنه مجنون وطبخ له طبخة عنده عقب صلاة العصر بعد تشييع الجنازة إلى المعلاة، وطلع فيها غالب أهل البلد من الكبار والصغار ما عدا والد الميت لتوعكه، فإنه رجع إلى منزله من المسجد الحرام والخواجا السكري والمحبي ابن الشيخ أيوب صاحب المالكي، فتوجّه الأروام إلى بيت الحنفي وأخرجوه منه بعنف وإهانة بالضرب والجر وهو حاف بلا ثياب وعمامة، فرثى له جميع من رآه حتى الشامت منهم المحبي بن أيوب وأعطاه ملوطته ونعله، وشقّوا به من على بيت المالكي والسكري والحنفي المتولي حتى ذهبوا به إلى سوق المسفلة فدخلوا به إلى بيت النائب بالعسه فوجدوا السكري عنده فيقال إنه ضربه بيده على وجهه ورأسه وأحضروا له فلقة وعصا لضربه وتجريسه وخيّروه في ذلك أو وضعه في البيمارستان، فذهبوا به إليه ووضعوا في حلقه جنزيرا حديدا ووضعوه في الطاقة التي على المسجد الحرام. فتألم له كل من رآه


(١) بالأصل: وأرموا.