للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له وإن تكررتْ منعوه منها. واتفق ذلك لبعض أهل [البلد] (١) وأما الأروام فتتكرر صُرَرهم كثيرا فلا يمنعونهم لشفقتهم عليهم. والمستعان بالله تعالى.

واستمرت التفرقة ثلاثة أيام متوالية فقُسِّم في اليوم الأول مال الخزانة، وفي ثانيه الأوقاف، وفي ثالثه معلوم الربعات والمرتبات. ثم تُركت تفرقة البيوت وأهل الأربطة والعامة، وقال لهم نائب جدة: إلى بعد الحج حتى يحرّر ما تكرر منها. فلازمه العوام واشتكوا حاجتهم لفَلسهم وعدم مدخولهم. ففرّق عليهم بعض الأسماء في يوم الخميس سادس الشهر، ومن بعد عصر الجمعة إلى المغرب مع يُبْسِه عليهم، فالتجؤوا إلى الله بالدعاء عليه. فقدّر الله تعالى أن ابتلاه بوجع عينه في بداية التفرقة، ثم ماتت موطوءة له تركية في يوم الثلاثاء رابع الشهر، ثم تحركت عليه دموية في ليلة السبت ثامن الشهر، وكان شيّع عياله لأرض عرفة للحج واغتسل هو من بئر زمزم بعد العشاء وتوجّه لمنزله على نية التوجّه لعياله فحصل له صداع في رأسه ولزم الوسادة، فطلب مَن يفصده وأرسل إليه فلم يَجِئْه الرسول إلّا وطلعت روحه من ساعته.

فجهّز في ليلته وصلّي عليه صبح يومه عند باب الكعبة وشيّعه جماعة من أرباب الوظائف وغيرهم من الأروام. وضجّ الناس بالتهليل والتكبير، واعتبَر لموته الكبير والصغير. فكانت رؤية جنازته عبْرة لمن اعتبر. وانجبَر بها خاطر كل من انكسر. فسبحان الله الفعّال لما يشاء ويريد من العبر.

ووقع من العِبَر أيضًا في يوم الإثنين ثالث الشهر المذكور موت الخواجا ناصر الدين محمد بن عبيد الخانكي نزيل مكّة وهو ممن حصّل الأموال واشترى الدور بمكة وجدة بيُبْس الطبع وسوء الخصال مع تقتيره على أولاده وعياله، بل سَفّرَ ولدا ذكرا له في المراكب الهندية من مدة نصف شهر ليُغيّبَه عنه. وخلّف غيره ولديْن بالغا


(١) كلمة سقطت من الأصل، أضفناها لأن معنى الجملة يدل عليها.