فأمره بلبس الخلعة فلبسها ومشى بجانب الشريف حتى وصل إلى المعلاة. فتوجّه أمير الحاج الشامي لمنزله في الأبطح وصحبته أمير الحاج المصري وعسكره.
وعاد الشريف بعسكره ومعه القاضي أبو النور بجانبه فدخل مكة في أبّهة انشرح برؤيتها أهل بلده. وكان كثير منهم وصلها معه وقبله من جملتهم زوجتان له كانتا مجاورتين بمكة، وكان كثير منهم وصلها. فلما وصل مع الشريف أبي نمي إلى أجياد أمر بمؤانسته بالمشي أمامه إلى منزله جبرًا لخاطره فأوصلوه لمنزله في باب إبراهيم عند زوجته ابنة عمه، وهنّأه الناس بولايته. وتوالى التشويش على الأخويْن من بني الضياء لعزلهما من قضاء مكة وجدة، والله الأمر.
وفي ضحى يوم الثلاثاء ثاني تاريخه اجتمع القضاة الشافعي والحنفي والمالكي في مجلس القاضي الشافعي بالزيادة وحضر معهم الشريف عرار بن عجل ونائبا (١) جدة المتولي محمد جلبي والمعزول والي جلبي بالتفتيش. فحضر خلق من الناس وادعوا عليه بجملة دعاوى من المظالم التي أخذها منهم من القماش والنقد وقطع الصُرَر في المبّرة الرومية، واستطالوا عليه بالكلام، ولم يفدهم غير الملام، وهو ثابت لأخصامه يردّ عن نفسه بحجج داحضة، وإذا ألْزِم بشيء يقول: نتوجّه إلى الأبواب الخنكارية. وكتب جميع ما ادُعِيَ عليه وطال المجلس في ذلك إلى بعد الظهر وأحضر مباشره المصري وحقّق عليه بعض كشف دفتره وهو في يد خصمه المتولي الجديد. وعند انتهاء المجلس خاصمه وقال: لا أختم الدفاتر لأنك خُنْت الخنكار في فك ختمي، وقد أظهرتَ الظلم أكثر مني في مدة يسيرة، وقد أخربْتَ جهة مصر وتريد تخرب مكة، وهي لا تطيقك. فوقع بين الأميرين الخصام وانفض المجلس على غير شيء. ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.