للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الموقف ناظر المسجد الحرام قاضي القضاة الشافعي المحي بن ظهيرة. ونفر الناس وهم آمنون فرحون مستبشرون بالرحمة والغفران والعود إلى الأوطان. وتوجّهوا لمزدلفة وباتوا بها ثم دفعوا لمنى وأقاموا بها ثلاثة أيام ونزل أمراء الحاج للبس ثوب الكعبة الشريفة مع بني شيبة. وسمعت أن بعض جماعتهم اختلس كثيرًا من ثوبها وتشوش شيخهم لذلك.

وفي ليلة السبت ثاني عشر الشهر مسك أمير الحاج المصري بعض العبيد الحرامية وظن أنهما عبيد صاحب مكة وأرسلهما إليه للإشلاء عليه، فقال له الشريف: ليس هما من عبيدي وافعل فيهما ما شئت. ثم أنه أرسل بهما مع جماعته إلى تحت جمرة العقبة وأمر بجزّ (١) رقبتيهما هناك على عوديْن يتقرب بهما إلى الله تعالى في هذا اليوم المبارك. وتشوش الخلق لذلك، وعند الله تجتمع الخصوم.

ثم إن الشريف أبا نمي فهم منه الشر فنادى لجماعته بعدم السفر يوم تاريخه لمكة صحبة الحاج، فتأخر هو وإياهم بمعنى إلى ثالث أيام التشريق حتى خليت منى من الحاج. ونزل أمير المصري علو المعلاة قرب الأبطح وأمير الشامي في محل المصري قبل الحج عند درب المعلاة ونصبوا خيامهم في وسط الطريق فتخيل الشريف أبو (٢) نمي منهم وأقام بمنى إلى وقت العصر من يوم الأحد ثالث أيام التشريق ثم نزل بجماعته بني حسن على خيل وركاب كثيرة وشقادف النساء من خلفهم جميعًا في موكب حفل وشقّ المسعى حتى وصل إلى منزله بأجياد.

وخاف الناس وقوع فتنة بينه وبين أمير الحاج لكن الله درأها. وسببها عدم رضاء أمير الحاج المصري من أخذ عادته على صاحب مكة الشريف أبي نمي في العام الماضي وهذه السنة لكل سنة ثلاثة آلاف. وجاء معه بمرسوم من نائب مصر ليعطي


(١) وردت الكلمة بالأصل غير معجمة.
(٢) بالأصل: أبا.