للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثانية. واختلف أهل المذاهب في صحتها أيضًا وطوّل الخطبة وهي حسنة مع تغييره لمعناها ولم يستنكره الناس في تأديتها. وموجب ذلك عدم ممالاته لمن (١) سمعها. فالله تعالى يلطف بالمسلمين.

وفي العشر الأول من شوال توعك قاضي القضاة الشافعي وانقطع بمنزله فهرع الناس للسلام عليه أفواجًا من الكبار والصغار وهم مبالغون في ذلك. فقدر الله تعالى أنه حصل له الشفاء وتوجّه لجدة في نصف الشهر وكتب للناس أوصالًا بتفرقة الحب الواصل من أمير الصعيد الأمير داود بن عمر في أول السنة وقد تلف بالخزن وأخذ صاحب مكة جملة منه، لكل نفر ربع ويبة وأخِذتْ من جدة، وتلقى الناس في أخذها شدة، خصوصًا من هو فقير وليس له قدرة فكثر الكلام من الخاص والعام.

وكان نزوله الجدة لأجل موسم الهندي فإنه وصل الجدة سبعة بعد الإياس منها وأربعة من كاليكوت وثلاثة من غيرها وقبض معلوما (٢) من نائب نائبه القاضي شرف الدين يحيى بن الفائز.

ثم إن القاضي أقام بجدة نحو جمعتين فتحرك عليه وجعه وهو ريح القولنج والإسهال فعاد لمكة وهرع الناس للسلام عليه فانقطع بمنزله تكملة الجمعة ومنع الناس في يوم الأحد من الدخول عليه. وتحركت عليه حرارة ويقال إنه شرب شربة وانحبس الريح في .... (٣) وعجز الحكيم من ملاطفته فأيقن بالموت وكتب وصية بيده وعبّأ جهازه بنفسه، وعُدّ ذلك من تمام سعده ففجع الخلق وجميع أهله له. ومات في فجر يوم السبت تاسع ذي القعدة فجهّز في يومه وصلى عليه قريبه القاضي عز الدين الفائز بن ظهيرة بعد صلاة العصر عند الحجر الأسود كعادة سلفه بعد نداء الرئيس له فوق ظلة زمزم كالأكابر بألقاب كثيرة هيجت الناس لفقده، وكثر البكاء عليه


(١) كذا بالأصل، ولعل الصواب: لعدم مبالاة من سمعها.
(٢) بالأصل: معلوم.
(٣) كلمة غير معجمة ولا مقروءة بالأصل.