للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على العادة فلم يروه في ليلة الأربعاء لوجود الغيم المطبق، ثم وصل ثاني تاريخه سلخ الشهر طلع صاحب مكة الشريف أبو نمي لملاقاة أمير الحاج من العمرة وكذا القاضي برهان الدين بن ظهيرة وقاضي القضاة التاجي المالكي وسلموا عليه وعادوا. ودخل هو بعد العشاء وطاف وسعى وعاد إلى الزاهر وبات به على عادته.

وفي صبح يوم الخميس أول الشهر توجّه إليه صاحب مكة الشريف أبو نمي وولده السيد أحمد وهو مراهق وصحبتهما عسكرهم من الخيل والرجل من أهل البدو والحضر فخلع (١) أمير الحاج على الشريف وولده خلعتين على عادتهما ودخلا صحبته إلى مكة وهما آمنان مطمئنان مع أن أمير الحاج ألبس عسكره من الجراكسة الحديد مع خيولهم، وكانت لهم بهجة. ونزل أمير الحاج (٢) عند درب المعلاة في خيامه. وتوجّه الشريف إلى منزله وهو مقبوض لمعارضته في قضاء الشافعية لمن قدمه، وتواترت الأخبار بذلك ووصلت من المتولي الجديد عدة أوراق لإخوانه من المدينة الشريفة وفيها التعريف بحقيقة حاله فتحرك جماعته لها مع قبضهم خوفًا من صاحب مكة. ثم توقف أخوه الكبير الشيخ جمال الدين محمد إلى صاحبها فلم يُرِهِ (٣) وجها على عادة مألوفة منه فزاد خوفهم .... (٤) إلّا عبد اللطيف.

ثم أشيع أن الشريف أرسل إليه في الليل وأغلظ له في المقال، وتهدده في الحال والمآل، بكلمات اختلفت الأقوال فيها، مضمونها التهديد بولاية أخيهم له فيما أمره به. فصار يسأله العفو حتى برز من عنده. لطف الله بالمسلمين في جميع أحوالهم.

وفي يوم الجمعة ثاني الشهر فرغ الشغل من المنبر الجديد الواصل من القاهرة بحرًا من الخنكار سليمان بن عثمان وخطب عليه الإمام أبو الخير، وأخذ


(١) بالأصل: فأخلع.
(٢) كلمة سقطت من الأصل.
(٣) بالأصل: يوريه.
(٤) كلمة غير مقروءة بالأصل.