الأمير: جماعة يشهدون برشده وأنه بالغ. فوقع الكلام بينهما وتعصب للقاضي أحد الملْتمّين عليه، وهو الزيني ابن الشيخ أبي السعود المغربي مكبّر مقام الحنفية وهو يرطن بالرومية. فأمر أمير الحاج الشامي بضربه على مقعدته ضربًا مبرحًا حتى سكت أنينه ولم ينفعه قاضيه مع قدرة قاضي الأقضية، ووضع في الحديد وأرسل إلى محطة الأمير في باب المعلاة، وكذا القاضي المشار إليه وتوجّه إليهما مع جماعة من أعوان الأمير وجلس في خيمة السقائين حتى يحضر المال أخوه فبات عنده ليلة وتكلم أخوه القاضي الشافعي مع قاضي الشام فخر الدين بن إسرافيل فأرسل لأمير الحاج وأطلقه حتى وصل لمنزل القاضي ثم أرسل له جماعة بإحضاره فوضعه في الحديد ليلته إلى الصباح ثم فك عنه وصارت الرسل بين أخيه وقاضي الشام وأمير الحاج يتردد في أمره.
وبلغ صاحب مكة ذلك فلم يتعرض له مع ميله للممسوك أكثر من أخيه لكنه نقم عليهما بسبب أخذ القائد جوهر المغربي المقتول من سيده لبعض التركة له يقال سنة آلاف أشرفي قماشًا. فقال: الشريف لم يبلغني إلا أخذ ألفين ثنْتين وأعطي فيها ألف وأربعمائة يبقى عنده ستمائة أشرفي. وعد ذلك من الفتن. وبمقدار جرأة عبد اللطيف وإقدامه حصلت له البهدلة.
وأشْيَعُ القضايا في هذا الزمن لأكل مال الأيتام وظهور ذلك على رؤوس الأنام، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم إن القاضي الشافعي خدم أمير الحاج بمبلغ وخلص أخاه في ثاني يوم تاريخه.
وأصيب فيها بمصيبة ثانية بإخراج نصف وظيفة الخطابة منه لشخص مغربي يقال له الشيخ أحمد البجائي المالكي ثم الحنفي المجاور بمكة. فإنه كان وصل له مرسومان خندكاريان من الروم بولاية نصف الخطابة عن قاضي الحنفية بديع الزمان