تاسع عشر الشهر فخرج لملاقاته جماعة وبعض الأكابر ولاقاه السيد أحمد ابن صاحب مكة السيد أبي نمي من وادي مر، وأراد أن يعمل له سماطًا فمنعه من ذلك رفقًا به، فقدم له الحلويات وغيرها من الفواكه وعاد معه لمكة فدخلها بعد صلاة العشاء ثاني تاريخه فطوفه وسعاه من تقدم بأيام وهو الإمام محيي الدين محمد ابن الإمام جمال الدين عبد البر الطبري الشافعي ورفقته ابن عمه المتوفى الإمام إسماعيل وكان عادته يطوفه فشاركه بالفجور والجرأة رئيس المؤذنين بزمزم أبو عبد الله محمد بن الفخري أبي بكر بن أبي عبد الله الكازروني الأصل المكي لكونه تقدم قبله، ففصل بينهم الأمير بمباشرة كل واحد لمرة من الطواف والسعي، فأنكر العقال من الأئمة لابن أخيهم بمساواة رئيس المؤذنين، لكونهم أرأس منه بيقين دينا وعلما وأصالة ووظيفة لكن طمع الدنيا يُعمي الأبصار ويسلب الأنفس من الاستبصار، فلا قوة إلّا بالله العلي القدير.
وكان صبح يوم الأربعاء المذكور توجّه السيد أحمد ابن صاحب مكة الحسني لمواجهة الأمير جانم الحمزاوي في الزاهر وعرض له بعسكره من الخيل والرجل ورافقه قاضي مكة الزيني مصطفى الرومي ونائب جدة وغيرهم من أركان الدولة، ولبس الشريف خلعة على عادته ومشى معه إلى محلّه عند درب المعلاة ونصب خيامه هنالك وواضع جماله وبغاله فيها.
وعمل له الشريف سماطا في منزله وهرع الأعيان للسلام عليه وقدم له هدية ونقدا يقال عشرة آلاف أشرفي ونحو أربعين جملًا واشترى مثلها بأزيد من ثمنها وشكره أهلها وتردد بعد ذلك لمنزل أخيه الأمير شرف الدين يحيى الحمزاوي في حارة الشاميين بقعيقعان. وكانت غالب إقامته عنده في النهار ويصلّي الصلوات الخمس مع الجماعة بالمسجد الحرام ويتوجّه بعد العشاء إلى محطته بالمعلاة في خيامه.
ونادى في يوم وصوله بالأمان والاطمئنان، ومن عبث عليه أحد من عسكره