للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأبواب الخنكارية الرومية إلى البلاد الهندية لغزو الفرنج المخذولين، أعداء الله والمسلمين. ثم وصل لأجل ذلك قاصد لصاحب مكة السيد أبي نمي الحسني من نائب الديار المصرية مقدم العسكر المنصور سليمان باشا الخصي وإعلامه بأنّ المراسيم الخنكارية أمرتْ بسفر المراكب والعسكر في عاشر المحرم وأنهم يتجهّزون إلى جزيرة كمران (١) ويدخل الباشا لمكة للزيارة والوقوف بالمشاعر الشريفة والدعاء بها لطلب النصرة على الأعداء المخذولين.

فاهتم صاحب مكة لملاقاة الباشا وشرع في تحصيل هدية، فجمع كثيرًا من العسل والسمن والغنم نحو الألفين وغير ذلك من المأكولات من التحف تنتظره كل وقت وهو مقيم بوادي الدكناء، أحد أودية وادي مر. فجاءه الخبر بغتة وهو بمكة لكونه وصلها لبعض غرضه في ليلة الجمعة خامس عشر الشهر مع رأس المباشرين بجدة الجمالي محمد بن أحمد المريسي وقال له: إن الباشا دخلها في ضحى يوم الخميس أمس تاريخه وصحْبته من المراكب والأغربة نحو ستين قطعة. فاضطربت البلاد، وارتجّ العباد، وكثرت القالات والمقالات خصوصًا وأشيع أنّ الباشا قتل الأمير جانم الحمزاوي أوحد الخواص، والمقدم على أهل القصاص، والمدبّر للمملكة المصرية، بحسب (٢) السياسة المرضية ومعه ولده أمير الحاج - كان - الجمالي يوسف.

فنفر خاطر الشريف، وغيره من كل طريف، فصار بعضهم يصدّق الخبر وبعضهم يكذبه حتى تحقق أمره. ثم إن السيد أبا نمي جزم بإرسال أكبر أولاده السيد أحمد مع بعض جماعته وغيرهم من عوام مكة أهل الحارات والبدن (٣) لأجل ملاقاة الباشا بجدة. وتوجّه الشريف أبو نمي إلى الوادي لتجهيز هدية له من الأطعمة


(١) جزيرة كمران: تقع في البحر الأحمر قبالة مدينة زبيد، وهي من الحصون الهامة.
(٢) بالأصل: بحبس.
(٣) كذا بالأصل.