بركات وبعده لنائب جدة قاسم الشرواني وبعده للأمير محمد بك وبعده لناظر المسجد الحرام قاضي القضاة الصلاحي بن ظهيرة، وكانت تقْدمَتُه بعد صاحب مكة لكن نائب جدة أمر بتأخيره، وبعد الفراغ من الدعاء طاف نائب جدة أسبوعا وصَحِبَه الأمير محمد بك والقاضي زين الدين الناظر بجدة وهُمْ مختلعون، ولم يسبق بذلك عادة إلا لصاحب مكة، وفي هذه الدولة تغيّر ذلك، والأمر لله تعالى.
وبعد طوافٍ توجّه نائب جدة إلى منزله جهة باب العمرة في قاعة كاتب السرّ ابن مزهر الكبيرة المطلّة على المسجد الحرام، فمشى أمامه القاضي الحنفي والقاضي المالكي والسيد عرار بن عجل وجماعة القاضي الشافعي وكثير من الفقهاء والتّجّار فسلّموا عليه ثم عادوا، ونادى في البلد نائب جدة بالأمان وضمان عدم الاحتكار، ومَن فعل ذلك لا يسأل ما يجري عليه، بلْ مَسَك بعض الباعة وضربه وسجنه عنده فنزل سعر القمح إلى محلقين وتباشر الناس بالرخاء، فالله تعالى يحقّق ذلك.
وفي ظهر تاريخه وصلتْ أوراق من قافلة المدينة الشريفة، بأخبار وصولها إلى وادي مرّ، ووصول السيد الشريف معهم إلى مستورة (١) ثم تخلّفه بها عياله وتقدم القاضي الشافعي والقافلة عنه إلى وادي مرّ، ثم وصلتْ القافلة إرسالا إلى مكة المشرفة.
وفي ليلة الجمعة سادس عشر الشهر وصل إلى مكة قاضي القضاة الشافعي وأخته السيّدة سعادة وابن أخيه القاضي محب الدين ابن قاضي القضاة بهاء الدين والشيخ عبد الكبير الحضرمي وعديله الجمالي محمد ابن شيخنا عبد الله باكثير الحضرمي المكي والولوي أبو زرعة المنوفي أحد العدول الملازمين للقاضي الشافعي والشهابي أحمد ابن الشيخ نور الدين بن ناصر فهنّأهم الناس بالزيارة، تقبّل
(١) مستورة: بلدة على الطريق بين مكة والمدينة تقع قريبا من الساحل الشرقي للبحر الأحمر على بعد أربعين كيلومترا شمالي رابغ.