وأخبروا أنّ قاضي القضاة الشافعي قرأ عليه ابن أخيه المحبي كتاب الشفاء للقاضي عياض في شهر رمضان المعظم بالروضة الشريفة وعمل له ختما حافلا في صباح تاسع عشريْ الشهر حضره السيد الشريف بركات زعيم الحجاز وقضاة المدينة الأربعة وأكابرها من الفقهاء.
وفي آخر نهار تاريخه ألزم السيد بركات قاضي القضاة الشافعي المشار إليه إعادة الختم لكونه ما علم بعادة القارئ يلبس خلعة بعد الختم، فامتنع القاضي من ذلك فلازمه أشدّ الملازمة فما وسعه إلّا الموافقة، فعمِل حتما ثانيا بعد صلاة العصر في الروضة الشريفة فقرأ القارئ المشار إليه الحديث القدسي من آخر كتاب الأذكار للنووي بسند السيد الشريف له، واستُجيز منه في المجلس وألبسه خلعة صوف أبيض مُبَطنة بصوف أخضر مع مقلب من سمور.
فمضى قضاة المدينة معه إلى منزله فحصل له بذلك غاية الخير من السيد الشريف، ذي القدر المنيف، ولم يتفق ذلك لأحد من أسلافه، فالله تعالى يزيده علوا ورفعة وسموًا ويُمَتّع المسلمين بطول حياته، ويحفظه من سائر جهاته، ويسعده في حركاته وسكناته.
وأشيع يوم وصول القافلة أنّ أوراقا وصلتْ بحرا من القاهرة المحروسة الجماعة من أهل مكة فيها الإخبار بولاية الخطيب وجيه الدين عبد الرحمن بن الخطيب فخر الدين بن أبي الفضل النويري المكي لوظيفة عمّهِ الخطيب محبّ الدين عوضا عن الجلالي أبي السعادات بن زائد الشاهد، ووصلتْ (١) بذلك مراسيمه إلى القاهرة مع إقامته بالشام، ووصول المحيوي عبد القادر بن أبي الغيث بن زبرق في ولاية مثله للقضاء مع صِغر سنّهِ وعدم أهليته لها، فقدّر الله تعالى وصول أوراق من بعض أهل