للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب ذلك غاية الضرر للناس، وغرق أكثر من مائتى ضيعة، وغرق عدّة بساتين من جزيرة الفيل، وانقطعت الطرقات عن المسافرين، حتى وصل الماء إلى بعض دور الحسينية، من نزز الأرض، وقد قيل فى المعنى:

قد زاد هذا النيل فى عامنا … فأغرق الناس (١) بإنعامه

وكاد أن يعطف من مائه … عرى على أزرار أهرامه

وفى شعبان، نزل السلطان، وتوجّه إلى الربيع، وعدّى إلى برّ الجيزة؛ فعاد وهو سكران؛ فلما وصل إلى قناطر السباع، أمر بقبض قردم، الخازندار، وأينال المحمدى الساقى، المعروف بضعضع، فمسك قردم، وهرب أينال ضعضع فلم يحصّل، وقيل تعرّض إليه فى أثناء الطريق الأمير قجق (٢)، فضربه أينال بالسيف على يده، فكاد أن يقطعها، وهرب، فلم يلحقه أحد، واختفى (٣) بالقاهرة أياما، وصار الملك الناصر يكبس كل يوم عليه البيوت والحارات.

ثم بعد مدّة طويلة، ظهر خبره ببلاد جركس، وحضر إلى مصر فى دولة المؤيّد شيخ، وعمل تاجرا (٤) فى المماليك، وهو الذى جلب السلطان يلباى (٥)، وكان يعرف به؛ وكان أينال ضعضع هذا لمّا فرّ من الملك الناصر، كان رأس نوبة كبير، فلما عاد إلى مصر سئل فى عوده [إلى الإمرية] (٦)، فأبى، واستمرّ تاجرا فى المماليك إلى أن مات.

وفى رمضان قرّر فى خطابة الجامع الأموى الشيخ شمس الدين محمد التبّانى (٧) الحنفى،


(١) الناس: فى طهران ص ١٠٥ ب: الأرض؛ وفى لندن ٧٣٢٣ ص ١٠٩ ب: الدنيا.
(٢) قجق: قجمق. وقد ورد الاسم «قجق» فى المخطوطات الأخرى.
(٣) واختفى: واختفا.
(٤) تاجرا: تاجر.
(٥) يلباى: بلباى. وقد ورد الاسم «يلباى» فى طهران ص ١٠٥ ب، وقد كتبه ابن إياس «يلباى» بخطه فى مخطوط فاتح رقم ٤١٩٨ ص ٨٨ ب، وما بعدها، وهو ما نشرناه فى الجزء الثانى من «بدائع الزهور» ص ٤٥٨ وما بعدها. انظر أيضا «صفحات لم تنشر من بدائع الزهور فى وقائع الدهور» ص ١٨٥ وما بعدها.
(٦) [إلى الإمرية]: عن طهران ص ١٠٥ ب.
(٧) التبانى: كذا فى الأصل، وكذلك فى المخطوطات الأخرى، فيما عند باريس ١٨٢٢ ص ٢٩٠ ب، القبانى.