للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه جاءت الأخبار بأن جانى بك الصوفى التفّ على قرايلك، وقد أمدّه بخيول ورجال، وصار يعطعط فى البلاد وينهبها، ويأخذ منها الأموال بقائم سيفه، فتنكّد السلطان لذلك.

وفى صفر، جاءت الأخبار بأن إسكندر بن قرا يوسف، زحف على قرايلك فى الجمّ الخفير من العساكر، ففرّ منه قرايلك، فتبعه، فأرمى نفسه قرايلك فى نهر هناك، خوفا أن يؤخذ باليد، فغرق فى النهر بنفسه، فمات، ودفنوه أولاده تحت الليل حتى لا يشعر به أحد، فلا زال إسكندر بك يفحص عن قبره حتى أخرجه بعد أيام، وحزّ رأسه وبعثها للسلطان فى علبة، وكفى الله الناس شرّه، كما قيل:

وفى أضيق الوقت … يأتى الله بالفرج

ثم فى أثناء ذلك، بعث شاه روخ ولده أحمد جوكى، مع جماعة من العسكر، نجدة إلى قرايلك، فوجده قد مات، فتحارب مع إسكندر بن قرا يوسف، فانكسر إسكندر وولّى هاربا إلى بلاد الروم، وملك أحمد بن شاه روخ بلاد الإسكندر بن قرا يوسف، وفرض على أهلها أموالا جزيلة، وتزوّج بابنة (١) قرايلك، وجرى على إسكندر هذا أمور بطول شرحها، واستمرّ فى هجاج وشتات، كما سيأتى ذكر ذلك.

وفيه جاءت الأخبار بوفاة صاحب أفريقية وتونس من بلاد الغرب، وكان يلقّب بالملك المنتصر بالله، وكان منذ ولى الملك لم يتهنّى (٢) به من كثرة الفتن والشرور؛ ثم بعد وفاته تولّى بعده أخوه شقيقه عثمان، وتلقّب بالمتوكل على الله، فأقام فى الملك مدّة طويلة، ثم وثب عليه عمّه أبو الحسن وحاربه، فقتل عثمان هذا على يد القائد محمد الهلالى، وهذا ملخّص أمره.

وفى ربيع الأول، بعث السلطان خلف قرقماس الشعبانى، نائب حلب، وكان بلغه أنه متواطئ مع جانى بك الصوفى، فلما حضر إلى مصر أخلع عليه وقرّره فى أمرية سلاح، عوضا عن جقمق العلاى؛ وقرّر جقمق فى الأتابكية بمصر، عوضا عن


(١) وتزوج بابنة: فى باريس ١٨٢٢ ص ٣٤٢ آ: وتزوج بابريمة بنت.
(٢) لم يتهنى: كذا فى الأصل.