للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما رأى الأتابكى جرباش هذه الأحوال الفاسدة، أخذ فى أسباب الهروب.

ثم إن الظاهرية، والمؤيدية، طلعوا إلى القلعة أفواجا، وقويت شوكة (١) الظاهر خشقدم؛ ونزل إلى باب السلسلة، وجلس فى المقعد المطلّ على سوق الخيل، وقد ظهرت الكسرة على الأشرفية.

ثم إنّ السلطان بعث خلف الأتابكى جرباش مع بعض الخاصكية، فطلع إلى القلعة وقت الظهر، فلما قابل السلطان باس له الأرض، وشرع يعتذر إليه مما جرى له مع المماليك، فقال له السلطان: «لا بأس عليك»؛ وقيل لما طلع الأتابكى جرباش إلى القلعة، عبث عليه الأمير جانى بك نائب جدّة، فقال له: «خش كلدن ملك ناصر»، فلم يردّ عليه الجواب.

فلما طلع الأتابكى جرباش إلى القلعة، نزلوا المماليك الظاهرية، واتّقعوا مع المماليك الأشرفية فى الرملة، وزحفوا عليهم إلى الصليبة، فلم تكن إلاّ ساعة يسيرة، وقد ولّوا المماليك الأشرفية منهزمين، وتشتّتوا أجمعين، فعند ذلك توجّهوا جماعة من المماليك الظاهرية إلى بيت سنقر قرق شبق (٢) الزردكاش، فهبوا كل ما فيه وأحرقوه، ثم خمدت هذه الفتنة، وتوجّه كلّ منهم إلى داره، ونزل الأتابكى جرباش إلى داره، وقلع المماليك لامة الحرب، وتغافل السلطان عن هذه الواقعة، حتى كان من أمر الأشرفية ما سنذكره فى موضعه، ثم قبض على جماعة من أعيانهم، وسجنهم بثغر الإسكندرية.

ثم بعد أيام عمل السلطان الموكب بالقصر وبات به، فلما طلعت الأمراء إلى القلعة للخدمة وباتوا بها، فلما صلّى السلطان العشاء وتحوّل، دخل جماعة من المماليك الظاهرية على الأمراء وهم بالقصر، فقبضوا على جماعة من الأمراء الأشرفية، وهم: جانى بك الظريف، وجانى بك المشد، وبيبرس خال العزيز، وغير ذلك من الأمراء الأشرفية، نحوا من اثنى عشر (٣) أميرا من مقدّمين ألوف (٤)، وعشرات.


(١) شوكة: شوكت.
(٢) قرق شبق: قرق شبقر.
(٣) اثنى عشر: اثنا عشرة.
(٤) مقدمين ألوف: كذا فى الأصل.