للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا المماليك الظاهرية لما دخلوا على الأمراء (١) بالقصر، لبسوا خوذا وزرديات، وبأيديهم قسىّ ونشاب، وسيوف مسلولة؛ قيل لما أرادوا أن يقبضوا على جانى بك الظريف، هاش عليهم بالسيف، فتكاثروا عليه ومسكوه، ولم يفد من شجاعته شيئا، فلما قبضوا على الأمراء، قيّدوهم تحت الليل؛ فلما طلع النهار، نزلوا بهم من القلعة وهم فى قيود، فتوجّهوا بهم إلى ساحل بولاق، وانحدروا بهم إلى ثغر الإسكندرية، فسجنوا بها:

فلما خمدت هذه الفتنة، وسكن الاضطراب، عمل السلطان الموكب، وأخلع على من يذكر من الأمراء، وهم: تمربغا مملوك الظاهر جقمق، وقرّر رأس نوبة النوب، عوضا عن بيبرس خال العزيز؛ وقرّر فى الدوادارية الثانية، جانى بك كوهيه الإسماعيلى المؤيّدى، عوضا عن جانى بك الظريف؛ وأنعم على قنبك المحمودى المؤيّدى، بتقدمة ألف، وكان قد حضر من دمشق.

وفيه جاءت الأخبار بوفاة (٢) المعتصم أحمد، صاحب تلمسان، وكان محمود السيرة، تولّى على تلمسان مدّة طويلة، ثم ثار عليه محمد بن أبى ثابت وحاربه، فملك منه تلمسان، ففرّ أحمد المعتصم إلى الأندلس، ثم عاد إلى تلمسان وقد أنجده صاحب غرناطة، فانتصر على محمد بن أبى ثابت، وآخر الأمر مات فجأة، وقيل إنه مات مسموما.

وفيه جاءت الأخبار بوقوع فتنة كبيرة، بين محمد بن عثمان، ملك الروم، وبين حسن بك الطويل، صاحب ديار بكر. - وفيه توفّى العلاّمة أبو الفضل محمد المغربى المالكى، وكان من أعيان المالكية. - وتوفّى خاير بك النوروزى، نائب صفد، وكان لا بأس به. - وخرجت هذه السنة، وقد وقع فيها أمور شتى، من ولاية وعزل وتغيير سلاطين وأمراء، ووقوع فتن بين الأتراك، وغير ذلك.


(١) الأمراء: أمراء.
(٢) بوفاة: بوفات.