للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهر جقمق، وكانت شابّة جميلة حسنة، فكان لها مشهد حافل، ومشت قدّامها الأمراء قاطبة، وصلّى عليها فى سبيل المؤمنى، انتهى ذلك.

وفى ذى الحجة كان مستهلّ الشهر يوم الجمعة، فصعد الخليفة للتهنئة بالشهر، وصعدت القضاة الأربعة الذين تولّوا جدد، فجلس كلّ منهم فى منزلته على العادة، وكان السلطان فى الميدان. - وفى يوم الاثنين رابعه رسم السلطان لنقيب الجيش بأن يقبض على أولاد الزنكلونى الذى مات تحت الضرب، فشكّهما فى الحديد، ورسم له السلطان بأن يرسلهما إلى جهة الواح فى مكان يسمّى موط وهو كثير العقارب والهوام، فقبض عليهما وأرسل صحبتهما متسفرا وأخذ منهما خمسة عشر دينارا، وقد كفى ما جرى عليهم. - وفى يوم الأحد (١) كان عيد النحر، وكانت الأضحية مشتطة فى السعر ولا توجد بسبب أذى المماليك وخطفهم للأغنام والأبقار، وأعجب من هذا أن الملح حرّج السلطان على بيعه وحكره، فعزّ وجود الملح حتى أبيع كل أردب ملح بثمانمائة درهم، وهذا قط ما اتفق فيما مضى من السنين، وعزّ وجود الفحم حتى أبيع كل قنطار بثمانية أنصاف، وكذلك الشعشاع حتى عدّ ذلك من النوادر الغريبة، وكان السلطان حرّج على بيع الخشب السنط بسبب عمارة المراكب، وصاروا يقطعون أشجار الناس من الغيطان غصبا باليد ويرسلونه إلى السويس لأجل عمارة المراكب التى هناك (٢)، وعزّ الكبريت أيضا حتى أبيع كلّ رطل بثمانية أنصاف ولا يوجد إلا قليلا - وفى يوم السبت سادس عشره نزل السلطان باكر النهار وعدّى إلى برّ الجيزة، وكان صحبته الأتابكى سودون العجمى وبقية الأمراء المقدمين قاطبة والأمراء الطبلخانات والعشرات والجمّ الغفير من الخاصكية والمماليك السلطانية، فنصب له وطاقا فى المنية وأشيع بين الناس أنه يتوجّه من هناك إلى جهة الفيوم حتى يكشف على الجسر الذى عمره الأمير أرزمك الناشف، وكان تقدم له أنه فى أواخر السنة الخالية توجّه أيضا إلى الفيوم، ثم إن السلطان


(١) الأحد: أحد.
(٢) المراكب التى هناك: كتبت فى الأصل بعد «إلا قليلا» فى السطر التالى.