للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأستادار فقبض عليه وأودعه فى الترسيم حتى يقيم الحساب، فانتدب إلى عمل حسابه شمس الدين بن عوض والشرفى يونس النابلسى الذى كان أستادار، فالتزموا بأن يبقوا عليه فى حساب الديوان المفرد خمسة وثلاثين ألف دينار، فاستمرّ فى الترسيم بالقلعة حتى يكون من أمره ما يكون، وكان جانى بيك ظالما عسوفا غير محبّب للناس، فلم يرث له أحد فى هذه الكائنة التى وقعت له. - وفى يوم السبت سابعه تعطل اللحم الذى كان يطلع إلى طباق المماليك الأجلاب فضجّوا فى ذلك اليوم وكادت أن تقع فتنة كبيرة، وكان الوزير يوسف البدرى مسافرا فى جهة البحيرة وديوان الدولة فى غاية الاضطراب، وقد تعطّلت لحوم (١) جماعة من المماليك القراصنة نحوا من ستة أشهر لم تصرف لهم من حين عزل المعلم على الصغير ومات عقيب ذلك، فكثر الكلام فى حقّ السلطان من المماليك وربما ينتشى من ذلك فتنة، وكان فى تلك الأيام ديوان المفرد وديوان الدولة وديوان الخاصّ فى غاية الانشحات والتعطيل، فإن بندر (٢) الإسكندرية خراب ولم تدخل إليه القطائع (٣) فى السنة الخالية، وبندر جدّة خراب بسبب تعبّث الفرنج على التجّار فى بحر الهند فلم تدخل المراكب بالبضائع إلى بندر جدّة نحوا من ست سنين، وكذلك جهة دمياط، وكانت جهة البحيرة فى هذه الأيام فى غاية الاضطراب بسبب فساد العربان من حين مات الجولى وولى ابن أخيه عوضه. - وفى يوم السبت المذكور نزل السلطان وتوجه إلى قبة الأمير يشبك التى بالمطرية وأقام بها ذلك اليوم، كل هذا من ضيقة حضيرته من أجل هذه الأحوال التى هى غير صالحة (٤)، والأمر إلى الله. - وفى يوم الأربعاء حادى عشره جلس السلطان بالحوش وعرض جماعة من خاصكيته فقط وفرّق عليهم خوذا نحو ثمانمائة خوذة، وفرّق عليهم أيضا بركستوانات ما بين مخمل ملوّن وفولاذ وذلك نحو ستمائة بركستوان، وكان قبل ذلك بمدة يسيرة فرّق عليهم زرديات وأتراسا ورماحا بسنّ وسيوفا مسقّطة بفضّة وفرّق عليهم أيضا تراكيش وقسيّا ونشابا، وكان


(١) لحوم: نحوه.
(٢) بندر: بعد.
(٣) القطائع: كذا فى الأصل، ولعله يقصد «البضائع».
(٤) غير صالحة: وغير صالحية.