للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أستاذى، فإنهم يقصدوا (١) خلعك من السلطنة، ويمسكونى أنا»، فقال له السلطان:

«يا عمّى، أنا أعطيك نيابة حلب، واخرج روح عنهم واستريح من هذا الحال كله».

فلم يوافق الشجاعى على ذلك، وأغلظ على السلطان فى القول، فقام إليه جماعة من المماليك الذين (٢) حول السلطان ومسكوه، وقيّدوه، وأرسلوه إلى البرج.

فبينما هو فى أثناء الطريق، خرج عليه جماعة من المماليك الأشرفية، قطعوا رأسه، وكان الذى قطع رأسه شخص من المماليك يسمّى بها الدين آقوش، فلما قطع رأسه، وضعها فى فوطة حرير، وأرسلها إلى الأمير كتبغا.

فلما وصل الذى معه الرأس إلى باب القلعة، قالوا المماليك البرجية، الذين (٢) هم من عصبة الشجاعى: «ما معك فى هذه الفوطة»؟ قال: «خبز سخن أرسله السلطان للأمراء، ليعلموا أنّ عندنا الخبز كثير»، فتركوه حتى مضى ونزل من القلعة، ولو علموا أنّ معه رأس الشجاعى لقتلوه أشرّ قتلة؛ فلما نزل إلى الرملة، وضع رأس الشجاعى بين يدى الأمير كتبغا، فلما تحقّقوا الأمراء قتله، توجّه كل أحد منهم إلى بيته، وخمدت الفتنة.

ثم إنّ الأمير كتبغا رسم بأن تعلّق رأس الشجاعى على رمح، ويطاف بها مصر والقاهرة، فطافوا بها وهى على رمح طويل، والمشاعلية تنادى عليها: «هذا جزاء من يرمى الفتن بين الملوك».

وكان أكثر الناس يكرهون الشجاعى من ظلمه، فصاروا يعطوا (٣) المشاعلية (٤) شيئا من الفضّة، ويأخذون منهم رأس الشجاعى، ويدخلون بها عندهم فى الدار، ولا يزالون يصفعونها بالنعال والقباقيب حتى يشتفوا منه؛ فدخلوا بها حتى حارة زويلة، وصار اليهود يدخلون بها عندهم ويصفعونها بالنعال، وربما (٥) قيل كانوا يبولون عليها.


(١) يقصدوا: كذا فى الأصل.
(٢) الذين: الذى.
(٣) يعطوا: كذا فى الأصل.
(٤) المشاعلية: المشاعلى.
(٥) وربما: ورب ما.