للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقاموا يطوفون (١) بها ثلاثة أيام متوالية، حتى قيل إنّ المشاعلية كانت معهم برنية خضراء، يحصّلون فيها ما يدخل عليهم من الناس، من فضّة وفلوس، فقيل إنهم ملأوا تلك البرنية فضّة ثلاث مرات؛ ولم يسمع بمثل هذه الواقعة فيما تقدّم من الوقائع الغريبة.

وكان الشجاعى رجلا طويلا، أبيض اللون، أشقر اللحية، أزرق العينين، رومى الجنس، ظالم الصورة، عنده قسوة زائدة، إذا ظفر بأحد لا يرحمه، فلما قتل، لم يرث (٢) له أحد من الناس قاطبة، فكان كما قيل فى المعنى:

لا تفعل الشرّ فتسمّى به … وافعل الخير تجازى عليه

أما ترى الحية من شرّها … يقتلها من لا أساءت إليه

فلما قتل الشجاعى خمدت الفتنة، وطلع الأمراء إلى القلعة، وعرضوا المماليك البرجية، فكانوا نحو أربعة آلاف وسبعمائة، فرسم لهم الأمير كتبغا أن ينزلوا من القلعة، وسكنوا فى الأبراج التى (٣) فى سور القاهرة، خلف البرقية، فنزلوا من القلعة وسكنوا بها، ورتّب لهم ما يكفيهم فى كل يوم، وشرط عليهم أنهم لا يركبوا، ولا يخرجوا من الأبراج.

ثم إنّ الأمير كتبغا قبض على جماعة من الأمراء، ممن كان من عصبة الشجاعى، وهم: الأمير بيبرس الجاشنكير، الأستادار، والأمير اللقمانى، أمير آخور كبير، وغير ذلك من الأمراء العشراوات، فقيّدهم، وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية.

ثم أفرج عن جماعة من الأمراء، وهم: الأمير قفجق (٤) السلحدار، والأمير عبد الله، حامل الجتر، والأمير قرمش، والأمير بورى، والأمير لاجين جركس، والأمير مغلطاى المسعودى، والأمير كردى الساقى، والأمير عمر شاه السلحدار،


(١) يطوفون: يطفون.
(٢) لم يرث: لم يرثى.
(٣) التى: الذى.
(٤) قفجق: قبجق.