للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجيبك إلى ذلك، وإن لم تبادر إلى هذا، وإلا دهمتك العساكر ويهجموا (١) عليك وأنت هنا».

فقال المظفر: «ومن يتوجّه إلى عند الملك الناصر بهذه الرسالة»؟ فقال الأمير سلار: «يتوجّه إليه الأمير بيبرس الدوادار، فإنّه فقيه ومن ذوى العقول، ويأخذ صحبته الأمير بهادر آص».

فلما وقع الاتّفاق على ذلك، كتب الملك المظفر كتابا إلى الملك الناصر وهو يترقّق له فيه، ويسأله أن ينعم عليه بمكان يتوجّه إليه هو وعياله، إما الكرك، وإما صهيون، وإما حماة.

ثم إنّ الملك المظفر أحضر القضاة الأربعة (٢)، وخلع نفسه من الملك، وأشهد عليه بذلك، وجهّز الإشهاد على يد الأمير بيبرس الدوادار، وبهادر آص، فخرجا من يومهما وتوجّها إلى الشام.

ومن غرائب الاتّفاق أنّ الساعة التى خلع فيها الملك المظفر، كانت هى الساعة التى ركب فيها الملك الناصر، وخرج من الشام قاصدا إلى الديار المصرية، فكانت ساعة سعد؛ واستمرّ فى هذه السلطنة حتى مات على فراشه بعد مدّة طويلة، كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه.

فلما وصل الأمير بيبرس، والأمير بهادر آص، إلى غزّة، تلاقيا (٣) مع الملك الناصر هناك، وباسا له الأرض، وقدّما له مطالعة الملك المظفر، والخلع الذى أشهد به المظفر على نفسه.

فلما رأى الملك الناصر ذلك فرح، وقال: «الحمد لله، الذى أصان الله دماء المسلمين عن القتال»، ثم أخلع على الأميرين خلعتين، وكتب معهما أمانا إلى الملك المظفر، وأرسل له منديل الأمان على أيديهما، ورسم لهما أن يتوجّها من يومهما إلى


(١) ويهجموا: كذا فى الأصل.
(٢) القضاة الأربعة: الأربع القضاة.
(٣) تلاقيا: تلاقا.