للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسأل السلطان أن يعفيه من النيابة، وأن يخرج من مصر، ويتوجّه إلى الشوبك، فيقيم بها حتى ينقضى عمره، وكانت الشوبك جارية فى إقطاع سلار.

فلما سأل السلطان فى ذلك، امتنع، فبكى (١) سلار، وتضرّع إليه، وقال: «قد كبر سنّى، ووهن حيلى»، فلا زال يتضرّع إلى السلطان حتى أجابه إلى ذلك، وأخلع عليه خلعة، وخرج من يومه إلى الشوبك.

فكانت مدّة نيابته بالديار المصرية إحدى عشرة سنة وكسور، وقد فاتته السلطنة من قبل الجاشنكير، وكان أميرا ديّنا خيّرا، كثير البرّ والمعروف، وافر العقل، ثابت الجنان، ساس الناس فى أيام نيابته أحسن سياسة، وكانت الناس راضية عنه.

فلما خرج من مصر، وتوجّه إلى الشوبك، عمل السلطان الموكب، وأخلع على الأمير بكتمر الجوكندار، واستقرّ به نائب السلطنة، عوضا عن سلار.

ثم إنّ السلطان أرسل الأمير بيبرس الدوادار، والأمير بهادر آص، إلى عند الملك المظفر، وكان قد رحل من أطفيح، وأتى إلى أخميم؛ فلما توجّها إليه، تلطّفا معه فى القول، حتى استخلصا منه ما كان أخذه من الأموال من الخزائن، عند ما توجّه إلى أطفيح، واستخلصا منه الخيول التى كان أخذها من الاصطبل السلطانى؛ واستخلصا منه المماليك الذين (٢) كانوا معه.

ثم قالوا له: «إنّ السلطان يقول لك امض (٣) إلى الكرك، وأقم بها، ويرتّب لك ما يكفيك»، فقال الملك المظفر: «السمع والطاعة»، ثم رحل من يومه، وتوجّه من هناك إلى السويس.

ثم إنّ الأمير بيبرس، والأمير بهادر، رجعا إلى القاهرة، وصحبتهما الأموال والخيول والمماليك الذين (٢) كانوا مع الملك المظفر، فلما حضروا بين يدى الملك الناصر، ردّ الأموال إلى الخزائن، والخيول إلى الاصطبل، والمماليك إلى الطباق.


(١) فبكى: فبكا.
(٢) الذين: الذى.
(٣) امض: امضى.