للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الثالث:

أنه يجوز الشرط الجزائي مقابل التأخير في تسليم المستصنع في حال عدم التنفيذ قياساً على مسألة العربون، ووجه ذلك: أن كلاً منهما شرط يوجب على من أخل بالعقد دفع مبلغ مالي يجري تقديره سلفًا قبل حصول الضرر، ولا يجوز في حال التأخير في التنفيذ؛ لأن المبيع المستحق التسليم في أجل محدد ضرباً من الالتزام (الدين) فالشرط الجزائي عن التأخير في التنفيذ في حكم ربا النسيئة: تقضي أم تربي؟ (١).

نوقش: بأن هناك فرقاً بين العربون وبين الشرط الجزائي، فالعربون يدفع المبلغ مقدماً، ولا يشترط حصول الضرر، بعكس الشرط الجزائي فلا يصح القياس عليه، وعلى التسليم بأن الشرط الجزائي يشبه العربون في حال عدم التنفيذ، فإنه يلزم على ذلك جوازه عن التأخير في التنفيذ أيضاً؛ لأن كلاً منهما إما أن يكونا عقوبة، أو تعويضاً عن الضرر المتوقع يقدر سلفاً قبل وقوعه، ويستوي في ذلك كون الشرط الجزائي عن عدم التنفيذ أو عن التأخير في التنفيذ، ما دام في غير الديون (٢)، وكون المبيع المستحق التسليم في أجل محدد ضربًا من الالتزام لا خلاف فيه، وأما كون هذا الالتزام مساوياً للدين فغير مسلم؛ لأن الالتزام أعم من الدين، فكل دين التزام وليس كل التزام ديناً، والالتزام هنا ليس ديناً بل هو التزام بأداء عمل لا يستحقون مقابله إلا بعد أدائه، وهو يختلف اختلافاً كثيراً عن التزام المقترض والمشتري بثمن مؤجل والمسلم إليه فالتزام هؤلاء الثلاثة دين حقيقي ثبت في ذمتهم وأخذوا مقابلة (٣).


(١) انظر: مناقصات العقود الإدارية، لرفيق المصري ص ٦٥.
(٢) انظر: الشروط التعويضية، لعياد العنزي ١/ ٣٨٤
(٣) انظر: الشرط الجزائي، للضرير، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثانية عشرة ١٤٢١ هـ ٢/ ٧٣ - ٧٤.

<<  <   >  >>