للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي توعد من أخذ أموال الناس يريد المماطلة بها، وعدم أدائها، بأن يتلفه الله ﷿ (١)، وهذا دليل على ارتكابه لفعل محرم.

الدليل الخامس: أن العلماء أجمعوا على أن المماطلة من المحرمات، قال ابن حزم (٢): "وأجمعوا على أن كل من لزمه حق في ماله، أو في ذمته لأحد، ففرض عليه أداء الحق لمن هو له عليه إذا أمكنه ذلك" (٣)، وقال: "فإن كان الطالب محقاً، فحرام على المطلوب بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام أن يمنعه حقه، أو يمطله، وهو قادر على إنصافه " (٤).

والمماطلة من كبائر الذنوب، والأدلة على ذلك:

الدليل الأول: عن الشريد بن سويد قال: قال رسول الله : «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» (٥).

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي أحلَّ غيبة المدين المماطل،


(١) قال ابن حجر في الفتح ٥/ ٦٨ - ٦٩: "ظاهرُه أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه وهو علم من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئًا من الأمرين وقيل المراد بالإتلاف: عذاب الآخرة".
(٢) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، ولد سنة ٣٨٤ هـ، وكانت له الوزارة وتدبير المملكة، فانصرف عنها إلى التأليف والعلم، كان حافظًا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة على طريقة أهل الظاهر، بعيدًا عن المصانعة حتى شُبه لسانه بسيف الحجاج، من مصنفاته: "الإحكام في أصول الأحكام"، و"المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار"، طاردَه الملوك حتى توفي مبعدًا عن بلده سنة ٤٥٦ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٨/ ١٨٤، البداية والنهاية، لابن كثير ١٥/ ٧٩٥.
(٣) مراتب الإجماع، لابن حزم ص ٩٨.
(٤) المحلى، لابن حزم ٦/ ٤٦٧.
(٥) سبق تخريجه

<<  <   >  >>