للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد يعطله عن الكسب والعمل، ويتحمل فيه أجرة الطبيب والدواء ولا نزاع في جواز التعويض المالي عنها (١).

يجاب: بالتسليم بأن قولهما ليس دليلًا وأنه يحتاج لدليل يستند عليه، ولكن لا يسلم بأن قولهما ليس في الضرر الأدبي بل هما تكلما عن الأرش مقابل الألم الذي لحق المجروح مطلقًا، ولم يقيداه بأنه إذا ترتب عليه خسارة مادية فإن له الأرش، فترتب الخسارة المادية على هذا الاعتداء كأجرة طبيب أو دواء مسألة أخرى غير مسألة الحكومة على الألم، والدليل على ذلك التفريقُ بين القولين عند عرْضِ المسألة في كتب المذهب الحنفي فقد جاء في المبسوط: "وقد روي عن محمد في الجراحات التي تندمل على وجه لا يبقى لها أثر تجب حكومة بقدر ما لحقه من الألم، وعن أبي يوسف يرجع على الجاني بقدر ما احتاج إليه من ثمن الدواء وأجرة الأطباء حتى اندملت" (٢)، وجاء في الهداية: "وقال أبو يوسف: يجب عليه أرش الألم وهو حكومة عدل، لأن الشين إن زال فالألم الحاصل ما زال فيجب تقويمه. وقال محمد: عليه أجرة الطبيب، لأنه إنما لزمه الطبيب وثمن الدواء بفعله فصار كأنه أخذ ذلك من ماله" (٣) ولو كان المراد بالأرش وهو الحكومة على الألم هو ما يدفع مقابل أجرة الطبيب والدواء لما فرق علماء المذهب الحنفي بين القولين، ولكانا قولًا واحدًا في المذهب، وقد حاول بعض علماء المذهب الحنفي أن يجعلهما قولًا واحدًا إلا أنه لم يسلم أكثر فقهاء المذهب بذلك (٤)؛ لأن تعليل أبي يوسف


(١) انظر: الفعل الضار، للزرقا ص ١٢٣
(٢) المبسوط، للسرخسي ٢٦/ ٨١.
(٣) الهداية، للمرغيناني ٤/ ٤٧٠، العناية، للبابرتي ١٠/ ٢٩٦.
(٤) تبيين الحقائق، للزيلعي ٦/ ١٣٨، تحفة الفقهاء، للسمرقندي ٣/ ١١٣، بداية المبتدي، للمرغيناني ص ٢٤٦.

<<  <   >  >>