وكذلك اختلف اليهود والنصارى في المسيح؛ فالنصارى يقولون: هو الله، ويقولون أيضاً: هو ابن الله، وهو إله تام، وإنسان تام. واليهود يقولون: هو ولد زنا، وهو ابن يوسف النجار، ويقولون عن مريم: إنها بغي بعيسى، كما قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ١٥٦﴾ [النساء: ١٥٦]. ويقولون: هو ساحر كذاب.
وأما المسلمون فيقولون: هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، وروح منه، وهو وجيه في الدنيا والآخرة، ومن المقربين، ويصفونه بما وصفه الله به في كتابه، لا يغلون فيه غلو النصارى، ولا يقصرون في حقه تقصير اليهود.
وكذلك اختلف اليهود والنصارى في قولهم في سائر الأنبياء والمرسلين، وفي أولياء الله؛ فاليهود قتلوا النبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس، والنصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا لعبدوا إلهاً واحداً، لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، ومع هذا فقد شارك النصارى اليهود في نقص حق كثير من الأنبياء، فيقولون: إن سليمان لم يكن نبياً (١)، ويقولون: إن الحواريين مثل موسى وإبراهيم (في النبوة والرسالة)، ويقولون: إن من عمل بوصايا الله من غير الأنبياء صار مثل الأنبياء، وكان له أن يشرع شريعة!! وبعض اليهود غلوا في العُزَيْرِ حتى قالوا: إنه ابن الله! ولهذا قال نبينا في
(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والسامرة (من اليهود) تقول: إن يوشع كان نبياً، ومن بعده كداوود، وسليمان، والمسيح لم يكونوا أنبياء.