للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الصحيح: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله» (١).

والمسلمون اعتدلوا، فآمنوا بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ولم يفرقوا بين أحد من رسله، وآمنوا بجميع النبيين، وبكل كتاب أنزله الله، فلم يكذّبوا الأنبياء، ولا سبّوهم، ولا غلوا فيهم، ولا عبدوهم. وكذلك أهل العلم والدين؛ لا يبخسونهم حقهم، ولا غلوا فيهم.

وقد وصف الله اليهود بأعمال، والنصارى بأعمال؛ فوصف اليهود بالكبْر والبخل والجبن والقسوة وكتمان العلم وسلوك سبيل الغي -وهو سبيل الشهوات والعدوان-؛ فإن اليهود فيهم من البغض والحسد والعداوة ما ليس في النصارى، وفي النصارى من الرحمة والمودة ما ليس في اليهود. والعداوة أصلها البغض؛ فاليهود كانوا يبغضون أنبياءهم؛ فكيف ببغضهم للمؤمنين!! وأما النصارى فليس في الدين الذي يدينون به عداوة ولا بغض لأعداء الله الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فساداً!! فكيف بعداوتهم وبغضهم للمؤمنين المعتدلين -أهل ملة إبراهيم- المؤمنين بجميع الكتب والرسل؟!

واليهود يغضبون لأنفسهم وينتقمون، والنصارى لا يغضبون لربهم ولا ينتقمون. والمسلمون المعتدلون -المتبعون لنبيهم- يغضبون لربهم، ويعفون عن حظوظهم، كما في «الصحيحين» عن عائشة أنها قالت: «ما ضرب رسول الله بيده خادماً له، ولا امرأة ولا


(١) رواه البخاري (٣٤٤٥) من حديث عمر بن الخطاب .

<<  <   >  >>