للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابتدعوا الكفر في صلاتهم؛ حتى قالوا في صلاتهم السَحَرية: «تعالوا بنا نسجد للمسيح إلهنا». وفي الصلاة الثانية والثالثة: «يا والدة الإله مريم العذراء! افتحي لنا أبواب الرحمة».

وابتدعوا أن لله ثلاثة أقانيم، ولفظ الأقانيم لم ينطق به أحد من الأنبياء، ولا أحد من الحواريين باتفاقهم، بل هو مما ابتدعوه، قيل: إنه لفظ رومي، معناه: الأصل. ولهذا يضطربون في تفسير الأقانيم، تارة يقولون: أشخاص، وتارة خواص، وتارة صفات، وتارة جواهر، وتارة يجعلون الأقنوم اسماً للذات والصفة معاً.

فكثير من شرائعهم لم يأخذوها عن المسيح ولا الحواريين، ولم يتبعوا خاتم الرسل محمد الذي بشر به المسيح.

والنصارى بعد النسخ (١) والتبديل (٢) هم من الضالين الذين يعملون ويعبدون ويزهدون بلا علم، لا من المنعم عليهم. وعُبّاد الأصنام أيضاً من الضالين المغضوب عليهم. وقد قال النّبي : «اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون» رواه الإمام أحمد والترمذي (٣)؛ وسبب ذلك أن اليهود يعرفون الحق ولا يعملون به، والنصارى يعبدون بلا علم.


(١) النسخ: هو رفع وإزالة أحكام شريعة سابقة بشريعة لاحقة، فلما كانت شريعة الإسلام آخر الشرائع، وصالحة لكل زمان ومكان؛ إذ لا شريعة بعدها، فقد نسخ الله بها ما شاء من الشرائع الماضية وجعلها مهيمنة عليها، فلا يقبل من أي يهودي أو نصراني بعد بعثة النبي وبعد العلم به أن يتمسك بدين غير دين الإسلام. والله تعالى يشرع لكل أمة ما يناسبها وأحوالها وزمانها، والشريعة المتأخرة قد تنسخ بعض أحكام الشريعة المتقدمة، دون قواعد العقائد وحفظ الكليات الخمس.
(٢) التبديل: التحريف والتغيير في الدين والشرائع وفي نصوص الكتب المنزلة أو تأويل معانيها إلى معانٍ أخرى غير المقصودة.
(٣) الترمذي (٢٩٥٣)، وأخرجه أحمد (١٩٣٨١)، وأبو داود الطيالسي (١١٣٥)، وابن حبان «الإحسان» (٧٢٠٦، ٦٢٤٦)، وفي «الثقات»: (٥/ ١٤٢)، والطبراني في «الكبير»: (١٧/ رقم ٢٣٦). والحديث صححه ابن حبان، والمصنف في «الفتاوى»: (٣/ ٣٦٩) وغير موضع، وابن القيم في «مفتاح دار السعادة»: (١/ ١٨٨). وله شاهد من حديث أبي ذر، قال الحافظ في «الفتح»: (٨/ ٩): «وأخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر».

<<  <   >  >>