الله ورسله، وكلام المخلوقين في عامة الطوائف، مع ظهور المعنى، ومعرفة المتكلم والمخاطب أنه ليس المراد أن ذات أحدهما اتحدت بذات الآخر.
وقول الله جل وعلا:«إنا نحن» هو لفظ يقع في جميع اللغات على من كان له شركاء وأمثال، وعلى الواحد المطاع العظيم، الذي له أعوان يطيعونه، وإن لم يكونوا شركاء ولا نظراء. وليس معناه أن معه آلهة أخرى.
فلو كان الرب بذاته متحداً بناسوت بشري لكان الأنبياء يخبرون بذلك إخباراً صريحاً بيناً، لا يحتمل التأويلات. ولو جاز أن يتحد الرب سبحانه بحي من الأحياء، ويحل فيه، لكان حلوله في ملك من الملائكة واتحاده به؛ أولى من حلوله واتحاده بواحد من البشر.
بل قد قام الدليل على أن غير عيسى ﵇ أفضل منه، مثل إبراهيم، ومحمد صلى الله عليهما وسلم، وهذان اتخذهما الله خليلين، وليس فوق الخلة مرتبة، فلو كان يحلّ في أجل ما خلقه الله من الإنسان -لكونه أجلّ مخلوقاته- لحلّ في أجلّ هذا النوع، وهو الخليل ومحمد صلى الله عليهما وسلم.
وإذا قالوا:«إنه لم يعمل خطيئة» فيحيى بن زكريا لم يعمل خطيئة، ومن عمل خطيئة وتاب منها فقد يصير بالتوبة أفضل مما كان قبل الخطيئة، وأفضل ممّن لم يعمل تلك الخطيئة، والخليل وموسى أفضل من يحيى الذي يسمونه «يوحنا المعمداني».
وقال المسيح لتلاميذه:«آمنوا بالله، وآمنوا بي» وقال أيضاً: «من يؤمن بي فليس يؤمن بي فقط، بل وبالذي أرسلني». وهم يذكرون أن المسيح ﵇ استصرخ الله قائلًا:«إلهي! إلهي! انظر لماذا تركتني، وتباعدت عن خلاصي؟».