للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان وجب للأب اسم الأبوة لقدم، فالابن أيضاً يستحق هذا الاسم بعينه؛ إذ كان قديماً مثله، وإن كان الأب عالماً عزيزاً، فهو أيضاً عالم عزيز، تشهد شريعة الإيمان له بذلك. وإن كان الأب والابن متكافئين في القدم والقدرة، فبأي فضل وسلطان للأب عليه أمره ونهاه؟!

و «متّى» التلميذ حين بنى كتابه الإنجيل أول ما ابتدأ به أن قال: «كتاب مولد يسوع المسيح ابن داود بن إبراهيم».

فنسبه إلى من كان منه على الصحة، ولم يقل: إنه ابن الله، ولا إنه إله من إله، كما يقولون.

وقول جبريل -الملك- لمريم عند مخاطبته إياها: «إنه ابن داود» على ما ثبت من ذلك في الإنجيل.

ووجدناكم قد ذكرتم في شريعة الإيمان: «أن يسوع المسيح بِكر الخلائق». وبِكر الخلائق لا يكون إلا من الخلائق!

وقد قال الله تعالى في التوراة: «يا ابني بكري» أي: إسرائيل.

وقال في موضع آخر: «إنه نظر بنو الله إلى بنات الناس، فشغفوا بهن». فهل يوجب لآل إسرائيل إلهية بهذا القول؟!

ومما يبين قولنا في خلق المسيح أن هذا الاسم إنما وقع له، لأنه مسح للنبوة والخير، وماسحه الله . وقد قال داود في زبوره قولاً يشهد على ذلك بعينه: «من أجل هذا البِر مسحك الله إلهك أكثر مما مسح به نظراءك». فأبان داود بهذه الآية معنى المسح بإنجيله، وأن ماسحه الله إلهه، وأنه مصطفى مكرم بزيادة على نظرائه (١).


(١) فائدة عزيزة في سبب تسمية المسيح بهذا الاسم.

<<  <   >  >>