الغنى بل يعده فضل الله على عباده، ولا يخاصم الجمال والزينة، بل يستحبها للناس ويؤثرها للمؤمنين خاصة؛ لأن المؤمن يُقبل على الدنيا ليأخذ منها زاده المادي ويقبل على الدين ليأخذ منه زاده الروحي، يحرص على إيمانه بربه أبدًا، ويحرص كذلك على نصيبه من الحق الكريم من دنيا الناس، وما ذلك إلا لأن المال دعامة الاقتصاد وبه تكون التنمية، وعليه تدور النظم والسياسات الاقتصادية في العام، فالإسلام يعترف به وبحرية التملك ما دام من حلال، وينفق في حلال بوسطية حيث يقول سبحانه:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}(الفرقان: ٦٧)، وقال تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}(الإسراء: ٢٩).
وفي هدي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نرى هذا الدعاء الجميل العظيم:((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)). ومن أدعية القرآن الجامعة:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(البقرة: ٢٠١)، يرددها المؤمن لينال خيري الدنيا والآخرة.
وبالتالي، فالدعوة إلى عدم التملك والفقر كأساس للتعبد والانقطاع إلى الله يتنافى مع الواقع الديني على مر العصور؛ حيث يؤدي إلى تعطيل القوى، وعدم الأخذ بطرف الغنى الحلال، مع أن سيدنا آدم مأمور أن يسلكها فقد جاء في سفر التكوين:"بعرق وجهك تأكل خبزًا حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها" سفر التكوين الإصحاح الثالث الفقرة التاسعة عشرة.