ويقال: إن الله كلمه شفاهة وظهر له كبار الملائكة، وبعد أن جاوز عمره الأربعين آمن أخوه بدعوته وأخبره بأنه يدعو بأفكار صعبة لا يفهمها إلا المتعلمون والخاصة، فبدأ زرادشت لساعته يدعو المتعلمين والخاصة مبتدئا بالملك قشتاسب والملكة والأمراء المقيمين في بلخ، وعقد الملك مناظرة بين حاشيته وبين زرادشت حتى تبين له صدق الدعوة فآمن به واتبعه.
لكن الكهنة دبروا مؤامرة كاذبة لزرادشت أدت بالملك أن يسجنه بتهمة السحر والشعوذة، وحدث أن جواد الملك أصيب بمرض غريب أدى إلى تقلص قوائمه الأربعة ودخوله في بطنه ولم يعد يظهر منها سوى الأطراف، وجمع الملك أشهر الأطباء لعلاج الجواد لكنهم عجزوا وأصيبوا بالحيرة أمام هذا المرض العجيب، وبلغ الخبر زرادشت وهو في السجن فأرسل إلى الملك وأخبره أنه يمكنه علاج الجواد فجيء به على الفور، فلما حضر طلب من الملك شروطا تتحقق إذا أبرأ الجواد فقبل الملك ونفذ الشروط بالفعل، فآمن به حينما برأت ساقه الأمامية اليمنى وآمن ابنه حينما برأت ساقه الأمامية اليسرى، وآمنت الملكة مع شفاء الساق الثالثة، وحاكم الملك المتآمرين على زرادشت بعد شفاء الساق الرابعة.
ومضت الأيام والخوارق تظهر لزرادشت حتى تم له النصر وانتشرت دعوته في إيران بمساعدة الدولة، وعلى رأسها الملك والأمراء، وبعدها اتجه زرادشت بدعوته إلى مملكة توران التي رفضت الدعوة واشتبكوا في حرب مع الإيرانيين، وحاصروا مدينة بلخ واستولوا عليها وأقبلوا على زرادشت وهو يصلي في المعبد وطعنوه في ظهره فسقط صريعا ومعه عدد كبير من الكهنة، وكان ذلك في سنة ثمانمائة وثلاث وخمسين قبل الميلاد تقريبا وعمره سبعة وسبعون عاما.