ولكن هل يعتبر زرادشت رسولا من الله تعالى لقومه على نحو ما سمعنا في قصته؟ هنا يختلف علماء الأديان حيث يذهب البعض إلى التسليم بسائر ما رويناه في نشأته، ويروي ما فيها من إرهاصات ومعجزات، وقيام زرادشت بدعوة قومه إلى توحيد الإله المسمى أهورا مزدا دليلا على رسالته ونبوته، ويمثل هذا الاتجاه الأستاذ حامد عبد القادر في كتابه (زرادشت الحكيم بين قدامى الإيرانيين) حيث يقول: "إن هذا الرجل إذا قيس بمقياس التاريخ وجب أن يعد في صف كبار الأنبياء الذين ظهروا في شتى البيئات والعصور، وأرشدوا الناس إلى طريق الحق والخير لما عرف عنه من دقة استقامة وشدة إخلاصه لربه وتفرغه لتقديسه، وقوة إيمانه برسالته وشدة تحمسه في نشر دعوته".
والكاتب يبين أهم الأسباب الدافعة إلى القول بنبوة زرادشت، ويوجزها في المعجزة ونزول الوحي والدعوة إلى الإيمان بإله واحد هو أهورمزدا أي أنا خالق الكون، يقول الشهرستاني:"ودين زرادشت عبادة الله والكفر بالشيطان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الخبائث. ومن أقوال زرادشت: النور والظلمة أصلان متضادان وهما مبدأ موجودات العالم وحصلت التراكيب من امتزاجهما، وحدثت الصور من التراكيب المختلفة والباري تعالى خالق النور والظلمة ومبدعهما، وهو واحد لا شريك له ولا ضد ولا ند ولا يجوز أن ينسب إليه وجود الظلمة، لكن الخير والشر إنما حصلت لامتزاج النور والظلمة والباري هو الذي مزجهما وخلطهما لحكمة".