ويشير الشهرستاني إلى ما ينسب إلى زرادشت من معجزات ومنها دخول قوائم فرس كشتاسب في بطن الفرس، وإطلاق زرادشت لها بعد أن عجز الأطباء، ومنها أنه مر على أعمى فوصف لقومه حشيشة عصروا ماءها في عين الأعمى فبرئ لتوه، وعلى هذا الاتجاه صار الأستاذ عباس العقاد في كتابه (الله) وقد سلم به ابن حزم بدون قطع وهو يعتبر أهل فارس أهل كتاب بصورة عامة، ويستدل على هذا بأخذ الجزية منهم وهم المجوس.
هذا؛ وهناك فريق آخر يرى أن زرادشت لم يكن رسولا مبعوثا من الله، وأن دعوته عبارة عن محاولة تطوير المجوسية القديمة، وتنقيتها من بعض تعاليمها التي بان فسادها بسبب الرقي العقلي، أو بسبب الاتصال بأصحاب الديانات الأخرى. يستدل أصحاب هذا الاتجاه بأن ما روي عن حياة زرادشت من معجزات وخوارق هي فعل الكهنة ومن الأساطير التي روجها العامة، كما أن دعوة زرادشت يشوبها الشرك وتعدد الآلهة لأنها تقدس الناس وتدعو لعبادتهم، كما أنها تنظر إلى أهورا مزدا أو أميرمن على اعتبار أنهما إلهان اثنان.
وبالنظر في هذين الاتجاهين نلمح ضعف الرأي الثاني، حيث لا دليل معه حول ما يزعمه من أسطورية نشأة زرادشت، كما أن الشرك وتعدد الآلهة وعبادة النار وجدت في المجوسية وهي ليست دعوة زرادشت. إن المجوسية لون من ألوان الشرك ظهر منذ فجر التاريخ وقد انتشرت في ممالك فارس القديمة، وتمكنت من أن تحرف دعوة زرادشت بعد وفاته، والذي ننبه عليه هنا هو أن المجوسية ليست هي الزرادشتية هذا من جهة، ومن جهة ثالثة لا نؤيد الرأي الأول على إطلاقه لضياع أغلب كتب الزرادشتية، كما أن البعض الباقي