وتؤكد النصوص أن هاتين القوتين عنصران أساسيان في قوام الحياة، أوجدهما الإله الخالق لينشط كل منهما من مجال خاص به، كما جاء في الياسنا الثلاثين ما يلي:"في البداية الروحان اللذان هما توأمان أحدهما الخير والآخر الشر في التفكير وفي الكلمة وفي الفعل، وبين هذين العاقل يحسن الاختيار وليس كذلك الأحمق، وعندما يرتد أحد الروحين على الآخر يعلمان أساس الحياة لا الحياة، وفي النهاية تكون أسوأ الأحوال للأنذال ولكن للأخيار الفكر الخير من هذين الروحين يختار الشر لعمل السيئات، ولكن الروح القدس يكون بجانب العدالة ويعمل آنئذ كل ما من شأنه أن يرضي الله الحكيم بالأعمال الخيرة".
وهذا النص صريح في أن قوة الخير وقوة الشر ليست محددة في شيء مادي معين، لكن يرمز لهما بشيء معين وأنهما من خلق الله وأمجاده، وبعد وفاة زرادشت دخل التغيير والتحريف في هذه العقيدة الموحدة، فظهر من قال بأن هناك إلهين هما إله النور وإله الظلمة، ثم قدست النار وعبدت وأقيمت لها المعابد والبيوت، وأصبحت الديانة الفارسية بعد هذا التحريف تعرف بالمجوسية، ذاك الاسم القديم الذي عرفت به أديان الفرس قديما، وأشهر المحرفين في الزرادشتية ماني ومزدك وديسطاي ومرقيون، وقد عرف الشهرستاني معتقداتهم بالتفصيل وسوف نجملها بعد الانتهاء من الزرادشتية إن شاء الله تعالى.
٢ - الإيمان باليوم الآخر:
تدعو الديانة الزرادشتية إلى الإيمان بالآخرة حيث يحاسب الإنسان على ما عمل قبل الموت؛ لينال جزاءه العادل في الجنة أو في النار، وتبين الزرادشتية منزلة النبي فيها في الآخرة فتذكر أن بيده تقرير المصير لأخطاء الناس،