للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) في فضل التبكير إلى الجمعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة. . .» الحديث، وفيه: «فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» (١) والمراد بقوله: إذا خرج الإمام، أي خرج للناس وصعد المنبر، بدليل قوله: يستمعون الذكر، وحسبك باجتماع تشارك الحضور فيه ملائكة الرحمن يستمعون الخطبة فيه مع المصلين.

فمثل هذا الجو الروحاني الخاشع الذي بيت الله مكانه، وأفضل الأيام زمانه، وأكرم الحضور حضوره، لا يتأتى في وسيلة اتصال أخرى.

٢ - وجوب الإنصات الذي يميز الحاضرين في خطبة الجمعة، فقد أمر الحاضر للخطبة بالإنصات للخطيب، بحيث إنه نُهي أن يتكلم مع جليسه بكلمة ولو كانت خيرا، فلا يقول له: أنصت، وعدم جواز تشميت العاطس، ورد السلام على الأرجح، ولا يمس الحصى، أي لا يأتي بأي قول أو فعل يقدح في تمام الإنصات والاستماع حتى يكون كامل الاستعداد للتلقي والإفادة مما يسمع، فإن الاستماع سلم الوعي والفهم، قال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨]

وقال جل وعلا في شأن موسى عليه السلام: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: ١٣]

قال وهب بن منبه: أدب الاستماع سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل، وذلك هو الاستماع لما يحب الله (٢) .


(١) رواه البخاري (الجمعة- ٨٨١) ومسلم (٢ / ٥٨٢) .
(٢) تفسير البحر المحيط (٦ / ٢٣١) .

<<  <   >  >>