والعلماء هم ورثة الأنبياء، ومن المسلم به أن حجة الله لا تقوم على الخلق إلا بالبيان والدعوة، وكم من مخالف حجبه جهله عن معرفة الحق، وكم من مخالف حالت شبهته بينه وبين النور والهدى، ولهذا كان حقا على القادرين القيام بهذا الواجب لعموم الخلق كل بحسب حاجته، وقد رفع الله العذاب عمن وجد له عذر صحيح حال بينه وبين بلوغ الدعوة الصحيحة إليه {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥] وهذا وإن كان واردا في أهل الفترة الذين كانوا قبل بعثة الرسول عليه السلام إلا أنه يدخل فيه أيضا كل من لم تبلغه دعوة الرسول حتى بعد البعثة.
ولا يحكم على أحد بكفره ولا بفسقه حتى تتحقق فيه الشروط التي تبيح الحكم عليه بذلك، وحتى تنتفي الموانع من الأعذار والشبه ونحوها.
[سابعا الالتزام بالخلق الحسن في معاملة المخالفين]
سابعا: الالتزام بالخلق الحسن في معاملة المخالفين الخلق منظومة متكاملة مؤصلة في منهج الإسلام ورد الأمر بها، وامتداحها، والثناء على أهلها، إضافة إلى ترتيب الأجر الجزيل عليها، وهذا كله يدل المنصف على عظمة هذا الدين وسموه، وتفرده عن مناهج البشر.
إن الذي خلق الخلق، وركب فيهم فطرهم وغرائزهم هو الذي شرع لهم هذا المنهج، وهذا دليل على أنه المنهج الأحكم والأصلح للتعامل مع البشر عموما، والمخالف على وجه الخصوص، كما أن العقل السليم يدل على صحته وصلاحيته أيضا، ذلك أن النفوس البشرية بحاجة إلى من