للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين قالوا: نأخذ بالأشد؛ ذهبوا إليه لأنه الأحوط، وهؤلاء خالفوا أدلة أصحاب القول الأول، ثم الاحتياط هو: " الاستقصاء والمبالغة في اتباع السنة، وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من غير غلو ومجاوزة، ولا تقصير ولا تفريط، فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله " (١) .

وعليه فإن الاحتياط هو الترجيح عند الاختلاف، فالمجتهد والمتبع والعامي يسلكون مسلك الترجيح عند الاختلاف لكل واحد منهم بحسبه، فلا يرجح الأيسر، ولا يرجح الأثقل، وإنما يرجح ما جاء به الدليل، فإن لم يتبين الدليل رجعوا جميعا إلى استفتاء النفس والقلب (٢) .

[ثانيا الأدلة من السنة]

ثانيا: الأدلة من السنة (١) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ. ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣] » (٣) .


(١) الروح لابن القيم ص ٣٤٦، وانظر إغاثة اللهفان (١ / ١٦٢ - ١٦٣) .
(٢) الاختلاف وما إليه / لمحمد بازمول ص ١٠٣ - ١٠٤.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (١ / ٤٦٥، ٤٣٥) ، وأخرجه الدارمي في سننه في المقدمة، باب في كراهة أخذ الرأي، وابن أبي عاصم في كتاب السنة (١ / ١٣) ، وابن حبان (الإحسان) ١ / ١٨٠ - ١٨١ تحت رقم (٦ - ٧) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٣١٨) . وأخرجه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، ابن ماجه في المقدمة، باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (١١) ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة (١ / ١٣) .
والحديث صححه ابن حبان، والحاكم، وحسن إسناده محقق الإحسان، وصححه لغيره الألباني في ظلال الجنة (١ / ١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>