الأولى: في تعامل الدين مع الأفراد في واقعهم الحياتي سواء كان في ذواتهم أو في الأوضاع الملابسة لهم.
* وأول ما يشار إليه هنا هو أن الإسلام في عقيدته وشريعته جاء متناغما مع فطرة الإنسان أي مطابقا لواقعه الذاتي فيما فطر عليه من تدين وتوحيد، ومن قيم خلقية ونزعات مادية مما يجعل أي إنسان سوي العقل سليم الفطرة لا يملك حين ينظر في ما جاء به الكتاب والسنة في العقيدة والقيم والشريعة إلا أن يقر بأنها الحق والصدق الذي تهفو إليه نفسه، ولا حاجة لتجاوز هذا إلى تفصيل حديث القرآن عن قضايا الإيمان والقيم وتلاؤمها مع مقررات الفطرة فحسبنا هذه الإشارة (١) .
* مراعاة الطبيعة البشرية المحدودة طاقتها المادية بحيث جاءت الشريعة في حدود هذه الطاقة {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧]
ولو جمح المسلم نتيجة توهج إيماني طامح بما يتجاوز هذه الطبيعة، فإن الإسلام يرده إلى المسار الوسطي معتبرا طموحه هذا خطأ، بل خروجا على هدي الإسلام وغلوا غير مقبول، وحديث الرهط الثلاثة الذين دفعتهم الرغبة في التفوق التعبدي على الآخرين لدرجة اختطاط مسالك خاصة في التعبد حيث «قال أحدهم أنا أصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أنا
(١) انظر مثلا: خصائص التصور الإسلامي - سيد قطب ٩٦، والخصائص العامة للإسلام - يوسف القرضاوي.