حقيقة الغلو لما كان المعنى الاصطلاحي يقوم على المعنى اللغوي، ويخصص عموم إطلاقه، رجعنا إلى النصوص الواردة في الغلو من الكتاب والسنة.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ}[النساء: ١٧١]
- فقد قال القرطبي في تفسيره ٦ / ٢١ لما ذكر المعنى اللغوي:
" ويعني بذلك فيما ذكره المفسرون: غلو اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم، وغلو النصارى فيه حتى جعلوه ربا، فالإفراط والتقصير كله سيئة وكفر. ولذلك قال مطرف بن عبد الله: الحسنة بين سيئتين. وقال الشاعر:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
"اهـ.
وكذا قال جمع من المفسرين منهم: ابن جرير في جامعه ٤ / ٤٦، والبغوي في معالم التنزيل ٢ / ٣١٣، وابن كثير في تفسيره ١ / ٥٨٩، وأبو حيان في بحره ٣ / ٤٠٠، والزمخشري في كشافه ١ / ٣٥١.
والمفهوم من هذه الآية {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}[النساء: ١٧١] عمومها لجميع أهل الكتاب من يهود ونصارى؛ إذ العبرة بعموم اللفظ ودلالة السياق تدل عليه أيضا، فإن النصارى زادوا وجاوزوا الحد في نبي