نور، وتتجلى مظاهر الوسطية في سلوكهم، لأنهم يعتصمون بأشرف الذكر من مضلات الفتن، وحينما ربطت مؤسسات تعليم القرآن الناشئة بكتاب الله العزيز، وربتهم على ترتيله وتدبر نصوصه أنجبت جيلا من المتخلقين بأخلاق القرآن وأنتجت هذه الدور المباركة مجموعة من كنوز المستقبل مؤهلة لحمل الأمانة محصنة من الأهواء والزيغ يحملون مشعل الوسطية ويطبقون منهج الله سبحانه، فهم يتجاوزون مرحلة الإيمان النظري إلى مرحلة أزكى وأرقى، فهم من المجتمع غرته وخياره، يهدون إلى الرشد، ويحاربون كل بدعة، وينشرون التوجيهات الربانية بين الناس، تلاوة وعملا دون القصد على أحدهما.
فلذلك كانت هذه الفئة من مجتمعنا المسلم بمنأى عن مظاهر الغلو في الدين في عصرنا الحاضر، وتشكل سدا منيعا من التهاوي في دركات أهل الأهواء ويرفض التشدد في الدين والتنطع الذي يعتبر من المهلكات {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد: ١٧]
[تفاقم ظاهرة الغلو في الدين في عصرنا الحاضر]
تفاقم ظاهرة الغلو في الدين في عصرنا الحاضر والغلو في الدين ليس وليد اليوم على الساحة الإسلامية، بل هو مغرق في القدم له جذوره وتاريخه ودوافعه.
فقد كانت بذرة التغالي بادئة في النمو في العصر النبوي، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله: «إِنْ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ