للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبوأ مكانة عالية في منهج الإسلام السمح في معاملة المخالفين، وربما ظن البعض أن الحوار مع المخالف نوع من الضعف أو أنه مدعاة لإضفاء صفة الشرعية على بعض الأمور المخالفة للشريعة، وهذا أمر غير مسلَّم، فإن الحوار وسيلة، ولا يلزم منه حصول المحذور إذا ضبطت هذه الوسيلة، وحققت شروطها، بل إن القبول بالحوار دليل على التمكن والثقة عند المحاور بما يحمله من الأفكار والمعتقدات، وما يلتزم به من الأحكام والأخلاق.

أما تسلل الأفكار المنافية، وتسويغ بعض المخالفات فإنه أمر يحصل بأسباب كثيرة لا يلزم أن يكون الحوار منها.

[تاسعا الصبر]

تاسعا: الصبر وهو كما يعرَّف: حبس النفس على ما تكره، تطلعا لما هو أفضل من الأجر عند الله، إذا كان في سبيل تحصيل رضوان الله كما لو كان في طريق دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإصلاح الناس والمجتمع؛ حيث لا يبعد مقابلة الإنسان لما يكره، والصبر والاحتساب هنا يهون على الداعي إلى الله ما يلقاه، ويلفت نظر الناس إلى التفكر والتدبر فيما يدعو إليه، ولا تحصل هذه الفضيلة إلا إذا تسامح الدعاة واحتملوا الأذى، ولم يقابلوا السيئة بمثلها، ومثل هذه الأمور تدخل في منهج معاملة المخالف دخولا أوليا، وهي تنطوي على رحمة بالمخالف، ورغبة في إصلاح حاله، وإيصال الخير له، ولو أن التعامل مع المخالف عري عن هذا المعنى لانقطعت سبل الاتصال معه، وحل محلها كل ما يدعو إلى الانتصار لنفس، أو إيثار الراحة والدعة، وهذا خلاف الواجب الشرعي في البيان

<<  <  ج: ص:  >  >>