للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل يعد كثير من عبادهم مباشرة النجاسات من أنواع القرب والطاعات، حتى يقال في فضائل الراهب: " له أربعون سنة ما مس الماء "! ولهذا تركوا الختان، مع أنه شرع إبراهيم الخليل عليه السلام وأتباعه.

واليهود إذا حاضت المرأة عندهم، لا يؤاكلونها ولا يشاربونها، ولا يقعدون معها في بيت واحد، والنصارى لا يحرمون وطء الحائض، وكان اليهود لا يرون إزالة النجاسة، بل إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه بالمقراض، والنصارى ليس عندهم شيء نجس يحرم أكله، أو تحرم الصلاة معه.

وكذلك المسلمون وسط في الشريعة فلم يجحدوا شرعه الناسخ لأجل شرعه المنسوخ، كما فعلت اليهود. ولا غيروا شيئا من شرعه المحكم ولا ابتدعوا شرعا لم يأذن به الله، كما فعلت النصارى.

ولا غلوا في الأنبياء والصالحين كغلو النصارى، ولا بخسوهم حقوقهم كفعل اليهود.

ولا جعلوا الخالق سبحانه متصفا بخصائص المخلوق، ونقائصه، ومعايبه من الفقر والبخل والعجز كفعل اليهود، ولا المخلوق متصفا بخصائص الخالق سبحانه التي ليس كمثله فيها شيء كفعل النصارى.

ولم يستكبروا عن عبادته كفعل اليهود.

ولا أشركوا بعبادته أحدا كفعل النصارى.

وأهل السنة والجماعة في الإسلام كأهل الإسلام في أهل الملل، فهم وسط في باب صفات الله عز وجل بين أهل الجحد والتعطيل، وبين أهل التشبيه والتمثيل، يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسله

<<  <  ج: ص:  >  >>